كيف يوازن المراهق بين رغباته ورغبات أهله؟

من أولى المراحل التي تبدأ فيها ملامح الشخصية المستقلة في التكوين هي مرحلة المراهقة، حيث يسعى المراهق للتعبير عن آرائه وطموحاته، وفي الوقت نفسه يحاول التوفيق بين أهدافه الشخصية وتوقعات والديه، دون أن يؤدي ذلك إلى صدام أو خلاف معهم.
ما هي توقعات الأباء؟
هي عبارة عن معايير معلنة يحددها الأبناء لأبنائهم حول عدة جوانب مثل سلوكهم وإنجازاتهم ومستقبلهم، وتحدد تلك التوقعات بناء على القيم الثقافية أو الأعراف الاجتماعية وكذلك الطموحات التي كان يحلم بها الأباء لأنفسهم.
تلك التوقعات في البداية تبث للأبناء الدافع والاحساس ولكن بمرور الوقت تتحول لضغط بالاخص إذا كانت صارمة أو غير واقعية.
تتمثل توقعات أسرة لعدة أنواع وهي :
1- الانجاز الاكاديمي، مثل توقع الأبناء بحصول أبناءهم على درجات متفوقة أو الالتحاق بجامعة جيدة.
2- اختيارات مهنية، يعني رغبة الآباء في أن يعمل أبناءهم بالوظائف المستقرة والمحترمة مع إغفال اهتمامات الابن.
3- التقاليد الثقافية أو الدينية، يتوقع الآباء من آباءهم الالتزام بعادات وتقاليد التي تتوافق مع تقاليد المجتمع ودينهم.
لماذا يحدد الآباء توقعات عالية على أبناءهم؟
توقعات الأهل لا تحدد من فراغ بل هي تنشأ بسبب مشاعر عميقة من الحب والخوف والسعى نحو رؤية أبناءهم متفوقين في حياتهم.
ونتيجة لتلك المخاوف يلجأون للتعبير عن مشاعرهم بطريقة غير مريحة للأبناء، ولهذا سنسلط الضوء على الأسباب التي تدفع الآباء لوضع توقعات عالية لأبنائهم بالنقاط التالية :
أولا الخوف على مستقبل أبنائهم
يحلم غالبية الآباء في أمر هام وهو رؤية حياة مستقرة وآمنة لأبنائهم، ذلك الحلم يدفعهم للطلب من أبناءهم على اختيار مجال دراسي محدد أو اتباع نمط محدد لعيش حياتهم وذلك بدافع من مشاعر الخوف من احتمالية فشل الأبناء أو التعب والمشقة في حياتهم المستقبلية.
ثانيا الرغبة في رؤيتهم ناجحين
الآباء يحلمن بأن يوصل أبناءهم لاعب مستوى، ونتيجة لتلك الاحلام يحددون توقعات عالية سواء في الدراسة أو العمل وذلك على أمل رؤيتهم ناجحين، ولكن في الواقع تلك التوقعات غير واقعية أو لا تناسب ميول أبناءهم.
ثالثاً تأثرهم بما يقوله المجتمع
المجتمع والاقارب يشكلون عنصر ضغط على الأباء، وبالتالي يشعرون بالخوف من تلقي انتقاد من تصرفات أو اختيارات أبناءهم، ولتفادي هذا الانتقاد يلجأن لفرض سلوك محدد أو نمط حياة تقليدي حتى لا يقال عنهم شيء.
رابعاً رغبتهم في تصحيح ما فاتهم
فئة كبرى من الأهالي يشعرون بالندم تجاه اختياراتهم بالماضي مثل عدم دراستهم للمجال الذي يحبونه وغيرها، لهذا يلجأن لفرض سيطرة عليك وجعلك تدرس ما كانوا يحلمون به.
خامساً عدم إدراك اختلاف الأجيال
يغفل فئة كبيرة من الآباء جزئية أن الزمن يتغير والابن يتغير ممكن تفكيره ولهذا يعتمدون على تجاربهم في الحياة كدليل ارشادي لأبنائهم، في حين اخر يرفضن تقبل أولويات وطموحات أبناءهم لأن لا تتطابق ما يريدونه.
أهمية التوازن بين رغبات الأهل ورغباتك كمراهق
الفرد بمرحلة المراهق يسعى لاكتشاف وبناء هويته الخاصة به بعيدا عن ضغوطات الأهل، ولكن يجد صراع في التوازن بين ما يريده وبين ما يريده الأهل ونتيجة عدم التوازن بينهما حدوث توتر وصراع داخلي، ولهذا سنسلط الضوء على أهمية تحقيق التوازن بين رغبات الأهل ورغباتك بالتالي :
1- الحفاظ على العلاقة الصحية مع الأهل
الهدف من وجود التوازن هو إبقاء العلاقة بينك وبين اسرتك تقوم على الاحترام والتفاهم المتبادل وليس على مبدأ الصراع والتمرد.
وخطوة تجاهل رغباتهم تبث لهم الشعور بعدم تقديرك أو احترامك لهم وعلى الجانب الآخر إذا لم ترضي نفسك ستشعر بالغضب أو فقدان الذات
2- بناء شخصية مستقلة ومسؤولة
بالنظر لتوضيح مفهوم التوازن فهو يتمثل في القدرة على التفكير واتخاذ القرار الذي يلائمك مع مراعاة مشاعر ومخاوف اهلك، هذا التوازن يمهد لتكوين شخصية ناضجة ومستقلة.
3- تفادي الصراعات والمشاكل
قدرتك للتعبير عن رغباتك بنمط ناضج ومحترم مع استماعك لوجهات ندرك والديك نتيجة المترتبة هي قلة وجود مواجهات حادة أو حدث انفعال سلبي.
4- تحقيق رضا داخلي وتوازن نفسي
عيش حياة بناء لما رغبة الآخرين يبث لك الضغط والتوتر، ولهذا يعد الاستماع لنفسك وتحقيق ما تحب مع مراعاة عدم تجاهل الأهل يمهدك للشعور بالرضا عن الذات
5- تعلم مهارات التواصل والمرونة
خطوة التوازن بينك وبين والديك تنمي لديك مهارات مثل التفاوض وشرح الأفكار والتنازل أثناء الضرورة، جميع تلك المهارات ستلاحظ فائدتها في حياتك الجامعية والمهنية.
6- تحقيق نمو متوازن على المدى الطويل
التعلم في سن مبكر حول إدارة التوقعات من الوالدين مع تحقيق طموحاتك الخاصة تساعدك بالمستقبل على اتخاذ قرارا كبيرة تتمثل في اختيار التخصص الجامعي أو اختيار شريك حياتك.
كيفية تحقيق التوازن بين توقعات والديك توقعاتك
أولا افصل بوضوح بين أهدافك وتوقعاتهم
فكر جيدا بالشخصية التي تريد الوصول لها من أهداف وطموحات وليس ما يفرضه عليه عائلتك، لانك ستجد صعوبة في الشعور بالسعادة على المدى الطويل إذا لم تكن تملك السيطرة على أهدافك.
ثانياً ساعدهم على فهم وجهة نظرك
أغلب توقعات الوالدين تمثل إرهاق على الأبناء ولكن تذكر دائما انها تنشأ بسبب مشاعر الحب والقلق والتضحية.
لهذا عليك أن تفسر لهم وتوضح وجهة نظرك لأنها تقلل من الشعور بالاستياء وتزيد من الفهم بينكما.
ثالثا قم بمحادثة صادقة ومتعاطفة
عملية الحوار بينك وبين والديك تميل التوتر والصعوبة بالاخص أثناء التناقش حول اختلاف في توجهات الحياة، والتواصل المفتوح والصادق هو العنصر الجوهري لتخفيف حدة التوتر ونشأة التفاهم بينكما.
من المفاتيح التي تساعدك على التواصل معهم دون صراع أو خلاف هو :
1– الاعتراف بتضحيات والديك، قبل التناقش عبر عن مدى امتنانك وشكرك للفرص الذي قدموها لك وقدر مجهوداتهم.
2- اشرح وجهة نظرك، شارك أهدافك الشخصية ومدى أهميتها لك، واستعن بعبارات تبدأ بكلمة انا بدلا من كلمة انت لأنها لا تبث لهم على أنك ترفض اختياراتهم.
3- ابحث عن الجوانب المشتركة، قبل التناقش ابحث عن الأرضية المشتركة بين توقعاتهم وتوقعاتك.
رابعاً تذكر نواياهم الطيبة
عليك تذكر ان والديك يحلمن رؤية بأفضل صورة ويرغبون في ان تعيش حياة سعيدة، لهذا ستجدهم يفعل ما يخدم مصلحتك.
خامساً كن لطيفاً مع نفسك واصبر على والديك
اذا لم تحقق ما يرغبه والديك فقد تشعر بالذنب أو المسؤولية، ولتفادي تلك المشاعر عليك تذكر أمر هام هو انك لك الحق في اتخاذ القرار، وان تمارس وتعيش حياتك بناء على رغبتك حتى لو خالفت التوقعات الثقافية.
كما عليك ممارسة التعاطف الذاتي لانه يعمل كاشعار دائم حول مبدأ أن سعيك للأهداف لا ينم عن الأنانية.
وتذكر أثناء رحلتك في تحقيق التوازن بين توقعات والديك واهدافك أن تهتم بصحتك النفسية وسعادة وعليك أن تتحلي بالصبر أثناء إقناع والديك.
https://nfsyn.com/%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%b1%d9%88%d8%ac-%d9%85%d9%86-%d9%85%d9%86%d8%b7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a7%d8%ad%d8%a9-%d8%ae%d8%b7%d9%88%d8%a9-%d8%b5%d8%ba%d9%8a%d8%b1%d8%a9-%d9%8a%d9%85%d9%83%d9%86
