Zone الشباب

أزمة فقدان الهوية للمراهقين: لماذا تشعر بالضياع؟

أكثر مرحلة حساسية ومعقدة في حياة الإنسان هي مرحلة المراهقة، وذلك يرجع لتكوين ملامح شخصية الفرد والتغيرات الجسدية والنفسية, وتبدأ مرحلة هامة وهي أزمة الهوية وتكثر التساؤلات حول ذاته ومكانته وأهدافه.

ما هي الهوية؟

تتمثل الهوية في أنها مجموعة من الصفات والقيم والمعتقدات التي تمييز كل شخص عن الاخر وكذلك تبث له الشعور بأن له كيان وشخصية مستقلة وكذلك تساعده في الإجابة عن أهم سؤال يطرحه الفرد لذاته وهو من انا.

لهذا يمكن القول إن أهمية الهوية تكمن في أنها تبث للإنسان الشعور بالانتماء والاستقرار وتساعده على اتخاذ قرارات حياته بواسطة الاعتماد على القيم والمبادئ الخاصة به، وكذلك تحسن من احترامه لذاته وتبث له الشعور بالفخر واخيرا تساعده في فهم الأشخاص المحيطين به مع تقبل الاختلاف والتنوع.

بعدما تعرفنا على مفهوم الهوية سننتقل للمرحلة التالية وهي فيهم أزمة الهوية التي يتعرض لها المراهقين.

ما هي أزمة الهوية للمراهقين؟ 

تتمثل في أنها مرحلة طبيعية يمر بها غالبية المراهقين وهي ضرورية لنموهم النفسي وأيضاً الاجتماعي.

بتلك المرحلة يبدأ المراهق بالتساؤل حول أمر هام وهو “من أنا” وما الذي أؤمن به وكذلك ما هو دوري في الحياة؟

ويعد العالم “إريك إريسكون” هو الذي حدد مفهوم أزمة الهوية، وقال إن أهم مهمة في مرحلة المراهقة هي بناء هوية تتسم بالوضوح والتماسك، لهذا إذا فشل المراهق في ذلك الأمر فسيواجه مشكلة يطلق عليها أزمة الهوية أو تشوش الهوية.

ولهذا سنسلط الضوء على الفرق بين تكوين الهوية وتشوش الهوية بالنقطة التالية :

اولا تكوين الهوية

هى مرحلة يمر بها المراهق ويسعى لاكتشاف من هو والقيم والمعتقدات والأهداف الي يرغب في تبنيها في حياته على المدى.

ومثال توضيحي على ذلك اكتشاف المراهق لميوله المهنية المتمثله في رغبته أن يصبح طبيب وذلك لهدف مساعدة الآخرين وكذلك حبه لمجال العلوم.

بعدما يكتشف المراهق ميوله وهويته تبدأ ثقته بنفسه تزداد مع معرفته بجوانب شخصية ويبدأ بالشعور بالاستقرار مع رسمه للحياة التي يرغب العيش بها.

ثانيا تشوش الهوية

هي حالة من عدم الوضوح او الجهل والغموض حول شخصية المراهق وعدم معرفه ما هي الشخصية التي يردها وكذلك الجهل بقيمه ومعتقداته.

ذلك النوع من الهوية يحدث اذا تعرض المراهق لضغوط واضطرابات نفسية أو اجتماعية أو لم يهتم باكتشاف نفسه.

ومثال توضيحي على هذا النوع هو مراهق لا يعرف التخصص الذي يريد دراسته وعدم الشعور بالانتماء وكذلك افكاره لا تتوافق مع معتقداته وقيمه.

بينما تتمثل نتيجة تشوش الهوية في شعور المراهق بالقلق أو التوتر وصعوبة في تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات الهامة وظهور ميول للانحراف وقد تصل لمرحلة من الانعزال.

علامات وجود أزمة الهوية بالمراهق

أولا ظهور تغيرات سريعة بجانب الاهتمامات والهوايات، وهذا يعني اذا كان المراهق يحب ممارسة هواية معينة فستجده في اليوم التالي لا يرغب في ممارستها مرة أخرى.

ثانياً تذبذب في القيم أو المعتقدات، اذا تربى المراهق على قيم ومعتقدات وترسخت وأمن بها فستجده يتحدى تغير تلك القيم.

ثالثاً ارتباك في الأدوار، يجد غموض في تحديد شخصيته وبالتالي لا يعرف إذا كان يريد أن يصبح الفتي الهادي ام العكس الفتي الاجتماعي وغيرها من الصفات

رابعاً القلق تجاه المستقبل، مشاعر من الحيرة تظهر المراهق حول ما يريده في حياته بجوانب مثل الدراسة والعمل وكذلك العلاقات التي يفضلها

خامساً تجريب هويات مختلفة، ستجد نفسك تسعى لتغيير مظهرك بصورة مفاجئة أو ترغب في الانتماء لمجموعة مختلفة وذلك لاكتشاف الفئة الي تنتمى لها.

سادساً الشعور بالوحدة أو الاغتراب، تلك المشاعر تنشأ إذا لم يجد المراهق أحد يفهمه وكذلك يشاركه مشاعره.

أسباب أزمة الهوية للمراهقين

الفرد بمرحلة المراهقة يتعرض التساؤلات المتعددة حول هويتهم ومعتقداتهم وقيمهم، وأثناء بحثه عن تلك الجوانب يشعر بأنه تائه وبالتالي يشعر بالقلق وقلة احترام بالذات، ولهذا سنسلط الضوء على أسباب حدوث أزمة الهوية بمرحلة المراهقة :

أولا الضغوط الاجتماعية والمقارنة، المراهق بتلك المرحلة هدفه الرئيسي هو البحث عن الانتماء والقبول من قبل الآخرين، ولكن وسائل التواصل الاجتماعي له تأثير سلبي لأنها تعمل على زيادة المقارنة بين الآخرين، ذلك السلوك يولد لدي الفرد مشاعر النقص وضعف تقدير الذات وبالتالي يبدأ الفرد بالخوف من الرفض ونتيجة لتلك المشاعر يشعر بالوحدة والعزلة.

ثانياً العلاقات الأسرية والقيم الثقافية، يفرض الآباء على أبناءهم رغباتهم مثال على ذلك رغبتهم في أن يدرس الابن بتخصص معين أو اعتقادهم بأنه لازال طفل صغير وأنه تحت اشرافهم ولا يستطيع الاعتماد على ذاته، جميعها سبب رئيسي لصراع الهوية.

ثالثاً التغيرات الهرمونية والنفسية، الجميع يعلم أن مرحلة المراهقة هي مرحلة التقلبات الجسدية والهرمونية بجسد الانسان، ونتيجة لتلك التقلبات يجد المراهق صعوبة في التحكم بمشاعره وتظهر مشاعر الارتباك وعدم الاستقرار.

رابعاً التغيرات المجتمعية والتكنولوجية، التطور في جانب التكنولوجيات والمعلومات ترتب عليه نشأة بيئة معقدة تصعب على المراهق التكيف والاندماج مع التغيرات الدائمة.

خامساً الأحداث الصادمة، اذا تعرض المراهق لمرحلة صعبة في حياته مثل التعرض للعنف فهذا يترتب عليه استقرار الهوية ونتيجه لهذا تنشأ الأزمات النفسية

سادساً ضعف الدعم النفسي والاجتماعي، غياب التوجيه والدعم من الأسرة المراهق يعرضه لأزمة الهوية.

التأثير النفسي لأزمة فقدان الهوية لدى المراهقين

خطوة تكوين هوية واكتشاف الذات لدي المراهق يترتب عليه آثار نفسية تتمثل في :

1- القلق والاكتئاب، كثرة الضغوط التي تفرض على المراهق سواء ضغوط أهله أو ضغوط المجتمع تعرضه للقلق والاكتئاب وهذا يؤثر على صحته النفسية.

2- تدني احترام الذات، خطوة البحث عن الهوية والصراعات في تحديدها تؤدي لتحديات مثل ذبذبة الثقة بالنفس وتدني تقدير الذات.

3- سلوكيات محفوفة بالمخاطر، أثناء سعى المراهق للبحث عن نفسه قد يدرج نفسه في سلوكيات خطرة كطريقة لإثبات ذاته أو للتعامل مع الصراعات الداخلية.

4- الانسحاب الاجتماعي، يلجأ المراهق الابتعاد عن المجتمع وذلك يرجع لخوفه من أن يرفض أو الحكم ونتيجة لهذا السلوك يشعر بالوحدة.

5- اللجوء للتكيف السلبي، لتخطي مشاعر التوتر والانفعال يتجه بعض المراهقين لأساليب تكيف غير صحية.

نصائح تساعدك في التعامل مع أزمة الهوية

1- ممارسة الموضوعية 

اذا شعرت بتوتر أو بتشتت، الطريقة السليمة هي أخذ نفس عميق وبعد ذلك التفكير قبل اتخاذ القرار أو الرد، لأن ردة الفعل السلبي هي ناتجة عن المشاعر وليس عن المنطق.

2- واجه الأفكار السلبية وغير المنطقية

اذا وجدت انك ترسخ في ذاتك جملة سلبية مثل انك فاشل، أول خطوة عليك فعلها هي ان تسأل نفسك هل تلك الجملة حقيقية أم أنها مشاعر مؤقتة، وتذكر انا تدرب عقلك على رؤية للمواقف من زوايا أوسع.

3- عبر عن نفسك وقيمك

بطريقة بسيطة تحدث عن الأمور التي تثير اهتمامك، وعبر شخصيتك وتذكر الأشخاص الذي تثق فيهم وشاركهم مشاعرك.

4- مارس التأمل 

تختلف أنواع ممارسات التامل من أبرزها هي كتابة المذكرات اليومية التي تمهدك لفهم نفسك بصورة أعمق، وتذكر فائدة التأمل في أنها الوقت الذي يساعدك على التفكير بهدوء وتخلصك من الضغوطات.

5- الاهتمام بالنفس

بجميع الانواع سواء الجسدي أو النفسي، وذلك بواسطة أخذ قسط كافي من النوم وتناول اكل صحي وممارسة الرياضية.

6- ابحث عن صفاتك الفريدة

تذكر ان كل فرد له ما يميزه عن غيره، ولمعرفة سماتك المميزه يمكنك انا تسأل نفسك حول ما الذي تحبه وما هي الطريقة التي تحبها في عيش حياتك وما هي المهارات التي تتميز بها.

7- تعلم قول لا وضع حدود 

اذا أدركت أن الأشخاص المحيطين بك يؤثرون عليك فعليك أن تضع حدود لعلاقتك معهم لحماية نفسك، ولا تجبر نفسك على تقليدهم وتعلم قول لا للجوانب التي لا تمثل شخصيتك.

8- فكر في مستقبلك 

تذكر أمر هام أن مرحلة المراهقة بما فيها من صعوبات ليست نهاية القصة، ولكنها مرحلة التفكير بالمستقبل، وعليك استغلالها لهذا يمكنك انا تسأل عن ما هي الشخصية التي تريدها بعد سنة أو اكثر، وأعلم أن خطواتك الحالية ستوصلك لهدف حتى لو كانت تلك الخطوات بسيطة.

9- خذ وقت لاكتشاف نفسك

لا تضع ذاتك في اختبار مفاجئ حول معرفة نفسك بشكل فوري، لهذا تذكر انا اكتشاف النفس يستمر على المدى الطويل ومن طرق اكتشاف الذات هي المشاركة في الأنشطة المختلفة والاستماع لآراء الأفراد المختلفة والاختلاط بأفراد من ثقافات مختلفة.

10- لا تقارن نفسك بالآخرين

منصات التواصل الاجتماعي تبرز للجميع الحياة المثالية، وتؤكد على فكرة أن الجميع يعلمون وجهتهم في الحياة، ولكن في الواقع الجميع يمر بفترات من الضغوطات والصعوبات ولهذا لا تقارن نفسك بالآخرين ولا تجبر نفسك على السير وفقاً لحياة الآخرين.

يمكنك قراءة أيضا:

https://nfsyn.com/%d8%aa%d8%b9%d9%84%d9%85-%d8%a3%d8%b3%d8%b1%d8%b9-20-%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82%d8%a9-%d9%84%d8%aa%d9%82%d9%88%d9%8a%d8%a9-%d8%b0%d8%a7%d9%83%d8%b1%d8%aa%d9%83

 

زر الذهاب إلى الأعلى