حين تتحول الفواتير إلى خلافات: الضغوطات المالية في العلاقات الزوجية

من أكثر التحديات شيوعًا التي يعاني من الأزواج بصورة مبكرة وبالأخص في بداية حياتهم الزوجية هي الضغوطات المالية وإدارة المصروفات اليومية, لأنه تأثيرها لا يقتصر فقط على الجانب المادي بل يؤثر على الاستقرار النفسي والعاطفي داخل العلاقة.
أسباب الضغوطات المالية في العلاقات الزوجية
1- فصل الدخل, بعض العلاقات تتبع مبدأ تقسيم الدخل في دفع الفواتير سوياً, وبعد دفع تلك الفواتير ينفق كل طرف الأموال المتبقية من الراتب بالطريقة التي تحلو له.
ذلك المبدأ يعرقل من تحقيق الأهداف طويلة المدى سواء في شراء منزل جديد أو شراء سيارة أو تأمين التقاعد, وكذلك يدفع أحد طرفين العلاقة إلى إخفاء الأموال عن الطرف الآخر وذلك يعرف بالخيانة المالية.
2- حمل الديون القديمة, تبدأ بعض العلاقات الزوجية بمشاكل مثلا ديون سواء من أجل التجهيز للزواج أو لشراء المنزل وغيرها.
3- اختلاف الشخصيات, كل بيت له طريقته الخاصة في التعامل مع الأمور المالية لهذا قد تجد شريك حياتك ينفق بشكل مفرط بينما أنت تفضل الادخار, تلك الصفات تظهر بمرور الوقت ولهذا عليكما التعرف على عادات كل شخص ومعالجتها بشكل عادل من أجل تصليح العلاقة.
4- عامل القوة, وهو يظهر في ثلاث حالات, الأولى إذا كان أحد أطراف العلاقة يعمل والأخر لا, والثاني إذا كان دخل أحد الأطراف بمعدل أكبر عن الطرف الآخر, والثالث إذا كان أحد الأطراف يندرج من عائلة ثرية والآخر لا, باختلاف الحالة فستجد أن الطرف المتمكن أو الذي يكسب المال يفرض أولوياته في الإنفاق على شريك حياته.
5- دعم الأسرة المتنامية, يعد قرار إنجاب الأطفال أمر جيد ولكن في ذات الوقت هو قرر مالي لأنه ستنشأ نفقات بشأن الطعام والملابس والمستلزمات وبالمستقبل نفقات خاصة بالرسوم الدراسية وغيرها.
6- التعامل مع العائلة الممتدة, في أوقات الأزمات سيقوم أحد الأطراف بمساعدة أسرته مثال دفع الإيجار عن شقيقه أو دفع العلاجات المرضية, وبالتالي تزداد الضغوط عليه لسد احتياجات الأسرتين.
7- الديون والالتزامات الزائدة, من حيث اعتماد الزوجين في اللجوء للقروض وبطاقات الائتمان وكذلك شراء الأشياء باهظة الثمن التي تفوق قدرتهم المالية على شرائها وذلك بدافع التفاخر أو بسبب ضغوط المجتمع.
8- المقارنات الاجتماعية, من حيث استمرار الزوجين في مقارنة حياتهم مع حياة الأهل والأصدقاء وهذا يسبب عليهم ضغط.
9- ضعف الثقافة المالية, عدم معرفة الأزواج بأساسيات الإدارة المالية وطرق الادخار والاستثمار واللجوء لقرارات المالية العشوائية وغير المدروسة.
تأثير الضغوطات المالية عليك وعلى علاقتك مع شريك حياتك
التعرض لمشاكل وضغوطات مالية يسبب للشخص العديد من المخاوف ويصيبه بالأعراض الجسدية, ويتمثل تأثير الضغوطات المالية عليك في :
أولا جانب الأفكار والمشاعر :
- الشعور بالقلق والخوف من القادم.
- الشعور بالخجل وبالذنب لأنك سبب المشاكل المالية.
- الإحباط.
- الإرهاق النفسي.
- الاكتئاب.
- العجز واليأس.
ثانيًا الآثار الجسدية :
- اضطرابات في الجهاز الهضمي المتمثل في القولون العصبي وآلام المعدة.
- تغيرات في معدل الوزن وزيادة أو نقصان الشهية.
- ارتفاع معدل ضغط الدم والإصابة بمشاكل في القلب والأوعية الدموية.
- الإصابة بالمشاكل الجلدية مثل الطفح الجلدي أو حب الشباب.
- آلام وشد في العضلات.
- الصداع الناتج عن التوتر.
ثالثًا جانب الحياة النفسية والعملية :
- انخفاض معدل تقدير الذات.
- ضعف نسبة الإنتاجية في العمل وذلك بسبب صعوبة التركيز وتنفيذ المهام تحت ضغط.
- انخفاض جودة الحياة بالأخص إذا كانت المشاكل المالية تعرقلك من ممارسة الأنشطة التي تفضلها.
- الانعزال عن دائرة المعارف بالأخص عند الشعور بالحرج من الوضع المالي أو على أنك عبء عليهم.
- التورط في الديون وتذبذب في الاستقرار المالي في حالة عدم السيطرة على المشاكل المالية.
بينما يتمثل تأثير الضغوطات المالية على علاقتك مع شريك حياتك في الجوانب التالية :
أولا كثرة التوتر والصراعات
المشاكل المالية يصاحبها توترات في العلاقة مع شريك حياتك, ومن أمثلة تلك المشاكل هي صعوبة في دفع الفواتير أو إدارة الديون وغيرها, مع وجود هذه الضغوطات يبدأ كلا طرفين العلاقة في إلقاء اللوم على الإخفاقات المالية ويتجادلان في إيجاد طريقة مناسبة لإدارة المشاكل وبالتالي يترتب عليه صراعات وتمهد وجود انفصال عاطفي.
ثانيًا تآكل الثقة والتواصل
الضغوط والمشاكل المالية تساعد على إضعاف الثقة بين الزوجين, لأن مع وجودها يشعر أحدى الأطراف أن شريك حياتك يخفي عنه نفقاته أو لا يساهم في المصاريف الأسرية ومع قلة التواصل والسرية بينهما تتحول العلاقة لعلاقة تتسم بالتوتر وسوء الفهم.
ثالثًا التأثير على الصحة النفسية
وجود مشاكل مالية تسبب للأشخاص القلق والاكتئاب والتوتر الدائم, وتلك المشاكل تسبب عبء على العلاقة, ففي حالة إذا تعرض أحد طرفين العلاقة أو كلاهما لتلك المشاكل فستجد أن يميل للانسحاب أو العصبية الزائدة وغيرها من السلوكيات التي تضعف من العلاقة.
رابعًا تقليل فرص النمو المشترك
الضغوطات المالية تعرقل من تحقيق قائمة الأهداف التي يسعى لها الزوجين مثل تعليم الأطفال أو السفر أو شراء بيت جديد أو تحسين مستوى المعيشة, وغياب الخطط المستقبلية تؤثر على شعورهم بالاستقرار.
العلامات الحمراء المالية في العلاقة
معرفتك للعلامات الحمراء المالية تمكنك من علاج المشاكل وتجنب الصراعات التي تسبب للعلاقة التوتر والضغط, وتجاهل العلامات الحمراء يترتب عليه ضغوط مالية بالإضافة لتحولها لإساءة مالية وهي نوع من أنواع العنف الأسري, وتتمثل تلك العلامات في :
أولا غياب الأساسيات الصحية : كل علاقة تختلف طريقتها في التعامل مع المال, ولكن هناك أساسيات واضحة موجودة في جميع العلاقات وهي التواصل المفتوح والحدود العادلة والمساواة والشفافية والمحادثات المبنية على الاحترام.
ثانيًا تعهد بالسرية المالية: في حالة إذا كان شريك حياتك كتوم بشأن دخله ونفقاته وكذلك ديونه فهذا إشعار على العلامات الحمراء, وإخفاء تلك المعلومات يشير على غياب الثقة في العلاقة ويدل على عدم المسؤولية المالية.
ثالثًا الإسراف في الإنفاق : كثرة الإفراط هو من علامات الحمراء المالية وبالأخص إذا كان الإنفاق على أشياء ليست ضرورية وسيترتب عليه مشاكل مالية بالمستقبل.
رابعًا التهرب من الفواتير : من المؤشرات على عدم المسؤولية المالية هو تجنب شريك حياتك من دفع الفواتير بصورة متكررة, وكثرة التأخير في دفعها يترتب عليه رسوم إضافية.
خامسًا حياته مليئة بالديون : من العلامات الحمراء الأكثر خطورة هي ارتفاع نسب الديون, ولهذا عليك الانتباه للقروض الشخصية الكبيرة أو لرسوم تأخير خدمات الدفع بالتقسيط أو لأرصدته المرتفعة في بطاقة الائتمان.
سادسًا استخدام المال كأداة للتحكم أو العقاب: مثال توضيحي على ذلك هو منع شريك حياتك في الحصول على المصروف كوسيلة للسيطرة أو للعقاب.
سابعًا الاستدانة المستمرة من الأهل والأصدقاء : إذا كان شريك حياتك دائماً يستلف المال من أصدقائه وأهله لسد النفقات المالية أو للترفيه على ذاته فهي من علامات الحمراء المالية وهي إشارة على غياب المسؤولية المالية.
نصائح لإدارة الضغوط المالية في العلاقات الزوجية
1- فتح باب للتناقش وللحوار في الأمور المالية, التمهيد لوجود مجال للتناقش وللحوار المفتوح يمهد كلا الزوجين للتناقش في الأمور المالية من أجل التواصل عن الأهداف المالية والاهتمامات والأولويات.
2- تحديد أهداف مالية واضحة, على كلا الزوجين تحديد أهداف مالية سواء كانت قصيرة أو طويلة المدى, وبعد ذلك تحديد لك الأهداف لخطوات قابلة للتحقيق وللتنفيذ على أرض الواقع والمراجعة بشكل مستمر على عملية التنفيذ.
3- إعداد ميزانية واقعية والالتزام بها, يجب أن تتضمن الميزانية الجوانب الخاصة بالمصاريف الأساسية مع وجود فرص للادخار وجانب للمصاريف الترفيهية مع مراقبة معدل النفقات في حالة رغبتكم في تعديل أي جانب.
4- إعطاء الأولوية للنفقات الأساسية وتقليل الكماليات, أثناء التجهيز للميزانية عليكما التفكير في الجوانب التي يمكن تقليل الإنفاق بها من أجل ضمان ميزانية الاحتياجات الضرورية.
5- بناء صندوق للطوارئ, ذلك الصندوق خاصة لتغطية نفقات الطوارئ المتمثلة في الحالات الطبية.
6- العمل كفريق واحد لمواجهة التحديات المالية, على كلا الزوجين التعامل مع الضغوطات المالية كفريق واحد بالإضافة لتقديم الدعم والتشجيع بدلًا من إلقاء اللوم على الأخطاء.
7- المرونة في مواجهة التغيرات, وهذا يعني الاستعداد لإجراء أي تعديل في الميزانية المالية في حالة حدوث ظروف مفاجئة مثل فقدان الوظيفة.
يمكنك قراءة أيضاً :
