ما هي أسباب وعوامل الخطر لاضطراب القلق الاجتماعي؟
اضطراب القلق الاجتماعي ليس له سبب واحد محدد، بل ينشأ من مزيج معقد من العوامل الوراثية والبيئية والنفسية. بعض الأشخاص يكونون أكثر عُرضة للإصابة بسبب تاريخ عائلي، بينما يتأثر آخرون بظروف تنشئة قاسية أو تجارب مؤلمة.

اضطراب القلق الاجتماعي لا يظهر فجأة دون مقدمات، بل يتطور نتيجة تفاعل عدة عوامل مترابطة. الأطباء والباحثون يؤكدون أن الوراثة (Genetics) تلعب دورًا، لكن البيئة التي ينشأ فيها الفرد والتجارب التي يمر بها في طفولته ومراهقته لها تأثير لا يقل أهمية. هذه العوامل معًا تفسر لماذا يُصاب بعض الأشخاص بالرهاب الاجتماعي بينما يظل آخرون أكثر قدرة على مواجهة المواقف الاجتماعية.
أولًا: الأسباب المحتملة
1. العوامل الوراثية (Genetic Factors)
-
تشير الدراسات إلى أن اضطراب القلق الاجتماعي يميل للانتشار داخل العائلات.
-
وجود أحد الوالدين أو الأشقاء المصابين يزيد من احتمالية الإصابة.
-
يعتقد الباحثون أن بعض الجينات المرتبطة بتنظيم كيمياء الدماغ (مثل مادة السيروتونين – Serotonin) قد تؤثر في ظهور الاضطراب.
2. العوامل البيئية (Environmental Factors)
-
التنشئة القاسية: الأطفال الذين يتعرضون للعقاب المستمر أو الانتقاد المفرط يكونون أكثر عرضة للشعور بالخوف من حكم الآخرين.
-
الصدمات في الطفولة: مثل التنمّر (Bullying) أو الإهمال الأسري أو فقدان أحد الوالدين.
-
النمذجة الأسرية: إذا نشأ الطفل مع والد/والدة يعانيان من القلق الاجتماعي، قد يتبنى نفس السلوكيات والأنماط الفكرية.
3. العوامل النفسية (Psychological Factors)
-
انخفاض الثقة بالنفس والشعور الدائم بالنقص.
-
الميل إلى التفكير السلبي المستمر وتوقع الفشل في المواقف الاجتماعية.
-
صعوبة التحكم في الانفعالات والاستجابة المبالغ بها للضغوط الاجتماعية.
ثانيًا: عوامل الخطر (Risk Factors)
ليست كل الأسباب تؤدي بالضرورة إلى الإصابة، لكن هناك عوامل تُضاعف من احتمال ظهور الاضطراب، ومنها:
-
التاريخ العائلي: وجود أقارب من الدرجة الأولى يعانون من القلق أو الاكتئاب.
-
الاضطرابات النفسية الأخرى: مثل الاكتئاب (Depression) أو اضطرابات القلق الأخرى.
-
السمات الشخصية: الأشخاص الأكثر خجلًا أو حساسية بطبيعتهم أكثر عُرضة.
-
إدمان الكحول أو المخدرات (Substance Use Disorder): يزيد من تفاقم الأعراض.
-
اضطراب الشخصية التجنبية (Avoidant Personality Disorder): يرتبط بقوة بالرهاب الاجتماعي.
-
الأحداث الحياتية المبكرة: مثل الانتقال المتكرر من مدرسة إلى أخرى، أو العيش في بيئة غير مستقرة.
الملخص في نقاط
-
اضطراب القلق الاجتماعي ينتج عن تفاعل عوامل وراثية وبيئية ونفسية.
-
الوراثة تُساهم عبر الجينات المرتبطة بتنظيم كيمياء الدماغ.
-
البيئة القاسية والصدمات في الطفولة تزيد من احتمالية الإصابة.
-
عوامل الخطر تشمل: التاريخ العائلي، الاكتئاب، السمات الشخصية الحساسة، الإدمان، واضطراب الشخصية التجنبية.
-
فهم هذه الأسباب يساعد الأطباء في وضع خطط علاجية أكثر دقة وفعالية.
الخاتمة
من الواضح أن الرهاب الاجتماعي ليس مجرد حالة عابرة من الخجل، بل نتيجة تداخل معقد بين الوراثة والتنشئة والسمات النفسية. إدراك هذه الجوانب يُسهّل على المصاب وأسرته فهم جذور المشكلة والتعامل معها بشكل أفضل، كما يساعد المختصين على تصميم علاج مناسب لكل حالة. فكل مريض هو حالة خاصة تتأثر بخليط من هذه العوامل.
