ما هو اضطراب القلق الاجتماعي (الرهاب الاجتماعي)؟
اضطراب القلق الاجتماعي هو حالة نفسية مزمنة تُسبب خوفًا شديدًا ومُستمرًا من المواقف الاجتماعية خوفًا من الحكم أو الانتقاد. قد يؤثر هذا الاضطراب على العمل، الدراسة، أو العلاقات الشخصية إن لم يُشخّص ويُعالج بشكل صحيح.
يُعد اضطراب القلق الاجتماعي (Social Anxiety Disorder)، المعروف سابقًا باسم الرهاب الاجتماعي (Social Phobia)، واحدًا من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا بين فئة الشباب والبالغين. وهو لا يقتصر على مجرد الشعور بالخجل أو التوتر في المواقف الاجتماعية، بل يتجاوز ذلك ليصبح خوفًا شديدًا ومُعطِّلًا للحياة اليومية. يعاني المصابون من خوف مفرط من أن يكونوا موضع مراقبة أو حكم سلبي من الآخرين، مما يدفعهم إلى تجنّب التفاعلات الاجتماعية أو تحمّلها مع قلق شديد.
تشير الإحصاءات إلى أن ما يقرب من 13% من الأمريكيين يُصابون بهذا الاضطراب في مرحلة ما من حياتهم، وغالبًا ما يُشخص بشكل متأخر، لأن المصابين يترددون في طلب المساعدة. ويُلاحظ أن النساء أكثر عرضة للإصابة به مقارنةً بالرجال.
تعريف اضطراب القلق الاجتماعي
هو أحد أنواع اضطرابات القلق (Anxiety Disorders) يتمثل في خوف مُبالغ فيه من المواقف الاجتماعية، سواءً كانت مواقف يومية بسيطة مثل التحدث إلى موظف في متجر، أو مواقف أكثر تحديًا مثل التحدث أمام جمهور. يشترط للتشخيص أن تستمر الأعراض لمدة لا تقل عن ستة أشهر.
أسباب الإصابة بالرهاب الاجتماعي
لا يوجد سبب واحد محدد، لكن الأطباء يشيرون إلى عدة عوامل متداخلة:
- عوامل وراثية: وجود تاريخ عائلي للاضطراب.
- عوامل بيئية: مثل التربية القاسية، أو التعرض لصدمات نفسية في الطفولة.
- النمذجة الأسرية: إذا كان أحد الوالدين يعاني من القلق الاجتماعي، قد يتأثر الطفل بسلوكه.
أعراض اضطراب القلق الاجتماعي
أعراض جسدية:
- احمرار الوجه (Blushing).
- التعرّق المفرط (Sweating).
- الارتجاف (Trembling).
- تسارع ضربات القلب (Rapid Heartbeat).
- ضيق في التنفس أو الشعور بالاختناق (Shortness of Breath).
- الدوخة أو الغثيان.
أعراض سلوكية ونفسية:
- تجنّب التواصل البصري.
- التحدث بصوت منخفض جدًا.
- الشعور بالتيبّس وعدم القدرة على الاسترخاء.
- الخوف من الحكم السلبي أو الرفض.
عوامل الخطر (Risk Factors)
يزداد احتمال الإصابة بالرهاب الاجتماعي إذا ترافقت الحالة مع:
- اضطرابات قلق أخرى.
- الاكتئاب.
- إدمان الكحول أو المخدرات (Substance Use Disorder).
- اضطراب الشخصية التجنّبية (Avoidant Personality Disorder).
- وجود تاريخ عائلي للمرض.
تشخيص الاضطراب
لا توجد اختبارات مخبرية لتشخيص الرهاب الاجتماعي. يعتمد التشخيص على:
- التاريخ الطبي والنفسي للمريض.
- استبعاد أمراض جسدية مثل اضطرابات الغدة الدرقية أو أمراض القلب والربو التي قد تسبب أعراضًا مشابهة.
- المعايير التشخيصية (DSM-5): مثل استمرار الأعراض أكثر من ستة أشهر، وأن تكون غير مبررة بموقف اجتماعي عادي، وأن تؤثر على الأداء المهني أو الاجتماعي.
طرق العلاج
1. العلاج النفسي:
- العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive Behavioral Therapy – CBT): يُعد الأكثر شيوعًا وفاعلية. يساعد المريض على إعادة صياغة أفكاره حول المواقف الاجتماعية والتدرّب على مواجهتها تدريجيًا.
2. العلاج الدوائي:
- مضادات الاكتئاب (SSRIs, SNRIs): مثل سيرترالين (Sertraline) أو باروكستين (Paroxetine).
- مضادات القلق (Benzodiazepines): فعّالة على المدى القصير لكنها قد تُسبب الاعتماد.
- حاصرات بيتا (Beta-Blockers): تُستخدم لتقليل الأعراض الجسدية مثل التعرق والرعشة قبل المواقف التي تتطلب أداءً أمام الآخرين.
التوقعات المستقبلية للمصابين
- بدون علاج: قد تستمر الحالة لسنوات طويلة، مسببة العزلة والاكتئاب وربما أفكارًا انتحارية.
- مع العلاج: يستطيع المريض استعادة ثقته بنفسه والاندماج في الحياة الاجتماعية والمهنية بصورة أفضل.
- من المهم إدراك أن الاضطراب مزمن، وقد تعود الأعراض بعد فترة من التحسن، مما يستدعي متابعة العلاج عند الحاجة.
الملخص في نقاط
- الرهاب الاجتماعي اضطراب نفسي مزمن يُعيق التفاعل الاجتماعي الطبيعي.
- يشترط للتشخيص استمرار الأعراض لمدة لا تقل عن ستة أشهر.
- الأعراض تشمل مظاهر جسدية (تعرق، ارتجاف) وسلوكية (تجنّب التواصل، صوت منخفض).
- العوامل الوراثية والبيئية تزيد من خطر الإصابة.
- العلاج يعتمد على العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والأدوية عند الحاجة.
- التدخل المبكر يرفع فرص الشفاء ويحسّن جودة الحياة.
الخاتمة
اضطراب القلق الاجتماعي ليس مجرد خجل عابر، بل هو تحدٍّ نفسي يؤثر على حياة الملايين حول العالم. ومع ذلك، فإن فهم المرض والاعتراف به وطلب العلاج المناسب يمكن أن يُحدث فرقًا جذريًا في حياة المصاب. العلاج متاح وفعّال، والشفاء أو التعايش الإيجابي مع الاضطراب أمر ممكن.
