الدعم بلا تدليل: التعامل مع الابن الأناني البالغ

من أصعب المواقف التي تمر على اي مقدمة رعاية هو اسلوك الابن البالغ الاناني، بالتحديد بعد مرور أعوان من التربية والرعاية والتضحيات، حيث يتوقع الأهل الحصول على الاحترام والتقدير في المقابل.
أسباب لماذا ابنك البالغ أناني
الهدف من معرفة الأسباب يمهدك على إيجاد الطريقة المثالية للتعامل معه ولحل تلك المشكلة، وسنسلط الضوء على تلك الأسباب بالنقاط التالية :
أولا الشعور بالاستحقاق
الاستحقاق هو يعني الحصول على كل ما يريده دون رفض، لهذا إذا تربي الطفل على مبدأ التدليل والحصول على كل ما يريده دون موجود فهذا يرسخ لديه مشاعر الاستحقاق سواء المعاملة الخاصة أو الاهتمام الدائم.
ونتيجة لمشاعر الاستحقاق يجد الابن صعوبة إدراك احتياجات الآخرين أو التنازل.
ثانياً نقص التعاطف
اذا لم يتعلم الطفل من قبل مقدمين الرعاية عن التعاطف أو إذا كان الابن بمشاكل نفسية مثل الاضطرابات الشخصية، جميع تلك السلوكيات تعرقل على الابن تفهم كيفية وضع أنفسهم مكان الآخرين وبالتالي لا يشعرون بمدى الألم أو المعاناة التي يسببونها للآخرين.
ثالثاً قلة مهارات الحياة والاستقلالية
هناك قائمة من المهارات التي يلزم على مقدم الرعاية تعليمها للأبناء من أجل الاعتماد على أنفسهم بالمستقبل ومن أمثلة تلك المهارات هي تنظيم الوقت وإدارة المال واتخاذ القرار، في حالة إغفال مقدمي الرعاية لتطوير تلك المهارات فسينشأ طفل يلجأ للاعتماد على الآخرين ويرى نفسه في مركز الاهتمام وهذا إشارة على سلوك أناني.
رابعاً التمكين الأبوي المفرط
اذا أخطأ الابن وقام بسلوك سيء وحرص مقدمى الرعاية على حماية الابن من عواقب سلوكياتهم فأنت بصورة غير مباشرة تربي الابن على الأنانية وعدم تحمل المسؤولية تجاه أفعالهم.
خامساً المرحلة العمرية والتحول النفسي
مرحلة البلوغ المبكر يمر فيها الابن بمرحلة من اكتشاف الذات والرغبة في الاستقلالية ومع مرور تلك المرحلة يرى الآباء أن هناك بعض من السلوكيات من قبل الابن تنم عن الأنانية ولكن في الحقيقة هي محاولة للتمرد واكتساب الهوية الشخصية.
سادساً الصدمات النفسية أو مشاكل الصحة العقلية
اذا تعرض الابن لصدمات عائلية أو تعرض للإهمال من قبل والديه أو تعرض للإساءة بمرحلة الطفولة أو أصيب بالأمراض النفسية المتمثلة في اضطرابات الشخصية أو القلق أو الاكتئاب فجميعها تهيئ الابن لإيجاد أو خلق فرصة لحماية نفسه وبالتالي يفسر مقدمي الرعاية تلك الحماية على أنها إشارة على الأنانية.
سابعاً التأثير الاجتماعي والثقافي
هناك بيئات اجتماعية أو عادات ثقافية ترسخ في أذهان الفرد منذ الصغر على مبدأ النجاح الفردي وبالتالي يترسخ الفرد على أن يضع نفسه بالمقام الاول دون إبداء أي اهتمام بمراعاة الآخرين.
علامات تدل على أن ابنك البالغ أناني
1- لا يفضل قول كلمة شكراً أبدا
الحرص على اظهار الامتنان أو التقدير له تأثير على جودة العلاقات كما يطور من الاحساس بالرضا النفسي، على الجانب الآخر إذا لم يعبر ابنك عن شكره لك فهذا إشارة على أنه يفضل الطمع.
2- يتواصل فقط عند الحاجة
وهذا يعني أن يقوم الابن بالتواصل مع والديه فقط إذا كان يلزمه شيء، ذلك السلوك يترتب عليه افتقار للتبادل العاطفي ويشعر مقدمي الرعاية بالإهمال وعدم التقدير..
3- يتخذ الشعور بالذنب كسلاح
الابن الأناني هو الذي يلجأ لمشاعر الذنب كوسيلة للتلاعب العاطفي، ومثال توضيحي هو أن يستخدم الابن عبارات تشعر الآباء بأنه مدين له، أو يعتمد على المواقف المؤلمة التي تعرض لها في الطفولة كوسيلة للضغط على والديه
4- يتجاوز الحدود الشخصية
كل أسرة لها قواعد وحدود على الأبناء الالتزام بها مثل عدم الدخول المفاجئ للمنزل أو المطالبة بطلبات غير واقعية، والابن الأناني هو الذي يقوم بتلك الأفعال وهذا يشير لعدم احترامه لوالديه.
5- يستخدم جراح الماضي كسلاح
الابن الأناني هو من يلجأ لإعادة ذكريات الماضي لكي يبرر بها تصرفاته أو يفرض سيطرته العاطفية.
6- يحمل والديه مسؤولية كل شئ
الابن الأناني هو الذي لا يتحمل مسؤولية أفعاله أو قراراته بالإضافة لإلقاء اللون على والديه حول طريقة ترتبيتهم أو مواقف من الماضي.
7- لا يطمئن على والديه
من علامات الأنانية هي غياب الاهتمام والاطمئنان على الآباء، والعلاقة الأسرية هي التي تبنى على الاهتمام والمبادرة والسؤال وليس فقط على الاحتياج.
8- يدخل في منافسه مع أخواته
مشاعر الحسد والغير تهيئ الابن الأناني لبدء مرحلة الصراع الدائم مع أخواته، ذلك الصراع يترتب عليه توتر في الأسرة.
9- لا يبادر بتقديم المساعدة
اكثر فعل يقوم به الابن الأناني هو طلب المساعدة والدعم ولكن على الجانب الآخر لا يعرض المساعدة بالمقابل، في حين إذا قدم المساعدة بالفعل فستجده يطلب شيء مقابل لما قدموه.
10- يتقمص دور الضحية باستمرار
الابن الأناني هو الذي يجسد دور الضحية ويعتمد عليها لأنها وسيلته للتهرب من المسؤولية ويلجأ لإلقاء اللوم على والديه وليس العمل على مواجهة وحل المشكلة.
تأثير أنانية الابن على الأسرة
أولا التأثير النفسي على الوالدين
- الشعور بالاحباط وخيبة الأمل، وذلك يرجع لأن الوالدين يشعرون بأن مجهودهم في تربية لم يقابله الحصول على التقدير أو الاحترام وبالتالي يشعران بالحزن.
- القلق المستمر، هذا يدفعهم للتساؤل حول هل اخطوءا في تربية الأبناء وهل سيتغير سلوكهم عند الكبر.
- انخفاض احترام الذات، إذا تعامل الآباء بالجفاء من قبل ابنهم سيبدأ في الشك حول قيمتهم داخل إطار الأسرة.
- الإجهاد العاطفي، التعامل مع ابن أناني نتيجته هو استهلاك الطاقة النفسية للوالدين.
ثانياً التأثير على العلاقة بين الوالدين
- نشأة الخلافات الزوجية، بسبب إلقاء أحد الأطراف اللوم على شريك حياته على طريقة التربية وبالتالي ينشأ التوتر وقد يصل للخلاف.
- الاختلاف في التعامل مع الابن، قد يكون أحد الوالدين يتعامل مع الابن بنمط من التساهل والطرف الآخر يلجأ الحزم وبالتالي يحدث انقسام في الرأي.
ثالثاً التأثير على الإخوة والأخوات
- الشعور بالتمييز أو الظلم، إذا تلقي أحد الابن معاملة تختلف عن باقي إخوته بخلاف طريقة سلوكه فهذا يولد لدى باقي الإخوة الشعور بأنهم مهملون.
- الغيرة أو الحقد، مع كثرة سلوك التمييز تتطور المشاعر السلبية للاخ المميز.
- انعدام العدالة داخل إطار الأسرة، في حالة وجود ابن أناني يفرض احتياجاتهم بصورة مستمرة فالنتيجة لهذا الفعل هو خلل بتوازن توزيع الاهتمام والموارد.
رابعاً التأثير على التوازن الأسري العام
- خلق جو من التوتر والاحتقان، اذا حضر الابن الأناني جميع الفعاليات والمناسبات فهذا ينشأ توتر دائم داخل حدود الأسرة.
- ضعف الروابط العاطفي، على المدى يقل معدل التواصل والتعاطف بين أفراد الأسرة ويظهر الصمت والانغلاق.
- الإجهاد المالي أو العملي، الابن الأناني هو الذي يعتمد على الأسرة ولا يتحمل مسؤولياته ولا يخلق فرصة للآباء للاهتمام باحتياجات باقي إخوته أو باقي أفراد الأسرة.
خطوات التعامل مع ابنك البالغ الأناني
أولا ضع حدود واضحة، وتلك الحدود تخبر بها ابنك ما الذي تقبله والعكس، ومثال توضيحي على ذلك تصرفك هذا مؤلم لي وطلبت منك تكرارا التوقف عنه.
وتذكر أن وضع الحدود هو بدافع الحب، ولكن احرص على احترام استقلاليته في حالة اتخاذ قرارات مختلفة عنك.
كذلك تذكر ان لا تنقذه دائمة من أخطائه ولكن دعه يتعلم منها.
ثانياً حافظ على احترامك وهدوئك أثناء التناقش معه، إذا انزعجت من سلوك ابنك الأناني فأظهر له طريقة التواصل الصحي وكن قدوة له ومثال على ذلك هو أخذ نفس عميق قبل الرد من أجل تفادي الغضب.
بينما إذا بدأ الابن في تجاوز الحدود أو يدافع ويبرر سلوكياته فقل له بهدوء انك تتفهمه ولكن لا يمكنك السماح له بذلك.
ثالثاً حفزه على تحمل المسؤولية، قدم له المساعدة أثناء مواجهة المشاكل، وحفظه على التفكير في أفعاله ومعرفة مدى تأثيرها على الآخرين، والهدف من أن يتحمل ابنك المسؤولية هو أن تساعده على تقليل معدل الأنانية بصورة تدريجية.
رابعاً عزز السلوكيات الإيجابية، مع الممارسة ووجدت أن ابنك بدأ التحكم في مشاعر الأنانية فعليك أن تشكره على ذلك، وفي حالات الأخطاء أثناء محاولته لتغيير سلوكه فاستخدم معه اللغة الإيجابية مع تقديم الملاحظات الفورية.
خامساً احرص على بناء علاقة، عليك كمقدمة رعاية توفير الجو الذي يتسم بالصراحة والشفافية بينك وبين ابنك، وتعرف على مشاعره وأفكاره ولكن دون أن تلومه الهدف من الاستماع له هو تقليل اندفاعة وتطوير تفهمه للآخرين.
سادساً استخدم أسلوب الحوار البناء، لا تعتمد على اتهام ابنك او مواجهته ولكن اعتمد على أسلوب الحوار البناء، ومثال توضيحي على ذلك الأسلوب هو عندما تقول له أنا أشعر بالحزن عندنا تتصرف بهذه الطريقة لأنني اهتم بك.
سابعاً علمه حدود التأثير والنتائج، اوضح لك أن لكل فعل يقوم به له نتيجة، وان تصرف الأنانية يؤثر بالسلب على علاقاته.
في نهاية المقال أعلم أن سلوك ابنك الأناني لا يشير على أنه شخص سئ ولكن من المحتمل أن يكون نتيجة لتراكم عوامل نفسية، تربوية واجتماعية وبيئية، والطريقة المثالية للتعامل الصحيح معه هو الفهم والصبر وطلب المساعدة إذا لزم.
