تطوير الشخصية

الانفتاح الذهني في مواجهة الاختلاف: كيف نحاور بوعي؟

من أبرز الصفات اللازمة في حياة الإنسان لعيش بنمط من الوعي والتوازن هو الانفتاح الذهني الذي لا يعني كما يعتقده البعض التخلي عن المبادئ أو التسلم لآراء الآخرين ولكن هو القدرة على الاستماع بتفهم والنظر للأمور من زوايا مختلفة.

ما هو الانفتاح الذهني؟

هو القدرة على رؤية الأفكار ووجهات النظر المختلفة عن وجهة نظرك ولكن بطريقة تتسم بالقبول وعدم الانحياز بالأخص إذا كانت تتعارض مع معتقداتك وقيمك الشخصية.

لهذا يمكن القول أن الفرد ذو الانفتاح الذهني يتميز بعدة جوانب تتمثل في :

  1. الاستماع بانتباه لكافة آراء الآخرين قبل الحكم عليها.
  2. يحترم الاختلاف وينظر له على أنه فرصة للتعلم ولا يمثل له أي تهديد.
  3. يتقبل الوقوع في الخطأ بالإضافة للاقتناع بأن معتقداته ليست الوحيدة الصحيحة.
  4. يتعلم من التجارب المختلفة بالإضافة للتكيف مع الظروف المتغيرة.

باختصار يمكن تعريف الانفتاح الذهني بأنه لا يقتصر على التسامح, في حين أنه الغربة في التعلم والتفهم وتقبل آراء ومعتقدات الآخرين.

الفرق بين الانفتاح الذهني والانغلاق الذهني 

كما ذكرنا أن الانفتاح الذهني هو المرونة التفكير والقابلية على التغيير والتعلم بالإضافة لتقدير وجهات نظر الآخرين وتقبل النقد البناء وتعديل الآراء والمعتقدات في حال إذا وجدت أدلة أو حجج تدعم الرأي المختلفة.

بينما يختلف الانغلاق الذهني ويعرف بأنه التصلب والجمود الفكري مع رفض تقبل أي فكرة جديدة أو مختلفة تتعارض مع وجهة النظر, في حين أن الشخص ذو الانغلاق الذهني يتسم بـ :

  1. رفض الاستماع لوجهات النظر التي تخالف وجهة نظره وذلك لاعتقاده أنها تمثل تهديد لمعتقداته وهويته.
  2. لا يقبل النقد ويعتبر أن أي اختلاف عن رأيه هو هجوم شخصي.
  3. يتمسك بمعتقداته على الرغم من وجود أدلة واضحة وذلك يرجع لتفضيله الأمان العقلي على الحقيقة.
  4. يتجنب التجربة أو التعلم من الآخرين وذلك بسبب الخوف من الوقوع في الفشل أو من أن تتغير صورته الذاتية.
  5. يفضل تصنيف الأشياء على أنها صح أو خطأ فقط دون النظر لدرجات الاختلاف أو التعقيد في الموضوع.

يمكن تلخيص الفرق بين الانغلاق والانفتاح الذهني بالنقاط التالية :

أولا الانفتاح الذهني : 

  • رؤية الأفكار المختلفة : فرصة للتعلم والنمو.
  • التعامل مع النقد : يتقبله جميع أنواع النقد وكذلك يستفاد منه.
  • المرونة : إمكانية تعديل الآراء والمعتقدات.
  • التجربة والتعلم : يفضل الخوض في التجارب والتعرف على المعرفة الجديدة.
  • التفاعل الاجتماعي : تُبنى العلاقات على التفاهم والاحترام.
  • التعامل مع التغيير : ينظر له على أنه أمر طبيعي وفرصة للنمو.

   ثانيًا الانغلاق الذهني :

  • رؤية الأفكار المختلفة : ينظر لها على أنها تمثل عنصر تهديد أو يسخرون منه.
  • التعامل مع النقد : رؤيته له أنه هجوم شخصي.
  • المرونة : يتمسك بالآراء مهما كانت الأدلة.
  • التجربة والتعلم : يخشى خوض تجارب جديدة أو تجديد حياته.
  • التفاعل الاجتماعي : يتسم بالتحفظ في العلاقات وكذلك صدامي بسبب الخوف من الاختلاف.
  • التعامل مع التغيير : ينظر له على أنه عنصر تهديد لحياته ويسعى جاهدًا لمقاومته.

الفرق بين الانفتاح الذهني والانغلاق الذهني 

ترجع أسباب الانغلاق الذهني لعدة جوانب وجذور نفسية واجتماعية ولهذا سنسلط الضوء على تلك الأسباب في التالي :

1- البيئة والتنشئة 

إذا نشأ الفرد في إطار منزل تحظر النقد أو الاختلاف في وجهات النظر والمعتقدات فهذا يترتب عليه على المدى الطويل تبني التفكير الجامد, ومثال توضيحي على تلك النقطة يعد فرض الأهل لوجهة نظر واحدة والاستهانة بالآراء الآخر يعد تعزيز للانغلاق الفكري.

2- الخوف من التغيير 

فئة من الأفراد يخشون خطوة التغيير والنتائج المترتبة عليها وبالتالي يفضلون البقاء مع معتقداتهم القديمة حتى يتجنبون أي إحباط أو فقدان للسيطرة, وخطوة رفض الأفكار تقلل من شعوره بعدم الأمان ولكن في الواقع هي تضع حاجز أمام نموه الشخصي.

3- الانتماء لمجموعات محددة 

هناك مثل يقول “الطيور على أشكالها تقع” لهذا الغالبية يتفاعل مع شبيه وهذا يعزز من الانغلاق الفكري, والتركيز على الأفكار المتوافقة مع المجموعة يخلق فقاعة معلوماتية تمنع رؤية وجهات النظر المختلفة.

4- الكبرياء والمعرفة الزائدة 

إذا اعتقد الشخص بأنه ملم بكل الجوانب فسيميل لتجنب الاستماع لآراء الآخرين, وأظهرت الأبحاث أن كثرة الثقة بالمعرفة الذاتية تجعل الفرد أكثر عنادًا لتقبل المعرفة الزائدة.

5- العادات الفكرية الراسخة

اتباع طريقة تفكير محددة على المدى الطويل تجعل الفرد يرى أن أي فكرة مخالفة للنمط المحدد التقليدي هو عنصر تهديد له.

فوائد تقبل وجهات النظر والانفتاح الذهني 

الانفتاح الذهني من أهم الصفات التي تساعد الفرد على التكيف والنمو, فالشخص المنفتح ذهنيًا لا يرى في اختلاف الآراء أي تهديد ولكن ينظر له على أنه فرص للتعلم والتوسع في الفهم, لهذا سنسلط الضوء على فوائد تقبل وجهات النظر والانفتاح الذهني في التالي :

  1. اكتساب بصيرة أعمق, خطوة تحدي المعتقدات القديمة تدفعك للتعلم وللتعرف على نفسك أكثر.
  2. النمو الشخصي, للانفتاح دور في التطور والتعلم السريع.
  3. خوض تجارب جديدة, فوائد الانفتاح هي تقبل الأفكار المختلفة وبالأخص التي تشجعك على تجربة أشياء الجديدة.
  4. التفاؤل, للانفتاح دور إيجابي في إمداد الفرد بالنظرة المشرقة للحياة.
  5. التعلم المستمر, الانفتاح على وجهات النظر الجديدة وعلى خوض تجارب يمهد علقك للتجديد ويمنع عنه الجمود الفكري.
  6. القدرة على التعاطف مع الآخرين, وهذا يشمل التعاطف مع المختلفين في الآراء والتفكير.
  7. تعزيز الثقة بالنفس وبالأفكار والمعتقدات الخاصة.

كيف تصبح متفتح ذهنيًا 

أولا الوعي بتحيزاتك, كل فرد له تحيزاته الخاصة به والتي تؤثر على كيفية فهمة وإدراكه للمعلومات وكذلك تقييمه للأشخاص والمواقف, وللتحيزات دور سلبي في إطلاق الأحكام وكذلك هي المسؤولة عن تكوين صورة نمطية دون إدراك.

الخطوة الأولى للانفتاح هي إدراك هذه التحيزات ومواجهتها بصدق, لهذا إذا تلقيت معلومة جديدة فعليك التوقف للحظة وأخذ وقت للتفكير وتسأل حول هل تؤثر تحيزاتك على طريقة تفسيرك لما تسمعه.

في حين إذا أدركت أنك ترفض فكرة ما بسرعة فعليك أن تسأل وتعرف السبب الحقيقي وراء مقاومتك لتلك الفكرة.

ثانيًا فكر في وجهة النظر المقابلة, لا يقتصر مفهوم الانفتاح الذهني على فحص أفكار الآخرين ولكن أيضاً خاص بإعادة النظر لأفكارك.

مثال توضيحي على ذلك تذكر الأمر الذي تمسكت برأيك فيها بشدة وثم حاول أن تتخيل كيف يفكر من يختلف معك, والخطوة التالية هي أن تحدد ثلاث أسباب منطقية تدفع الفرد لتنبي وجهة النظر هذه.

ثالثًا مارس التفسير المتسامح, وهو يعني أن تفسر تصرفات الآخرين بنمط إيجابي أو متفهم وليس بالطريقة المبنية على الافتراضات السلبية .

مثال توضيحي على ذلك إذا قام زميلك بالعمل بسلوك أزعجك فبدلًا من تتعامل معه بطريقة سلبية فعليك أن تفسر تصرفاته فقد يكون ذلك السلوك نابع بسبب توتره.

رابعًا اطرح الأسئلة بدلًا من الجدال, الشخص ذو الانفتاح الذهني لا يعمل على إثبات أنه على حق ولكن هو يسعى للفهم, وبالتالي تجده يفضل طرح الأسئلة بدلًا من الدخول في جدل.

خامسًا فكر في الموقف الحيادي, الانفتاح الذهني لا يتطلب منك أن تنظر لموقف ما من منظور أنك على حق والباقي على خطأ ولكن هو يعلمك أن ترى الصورة كاملة من جميع الجوانب.

سادسًا كون علاقات مع أشخاص مختلفين, تلك الطريقة تساعدك للوصول لمرحلة جيدة من الانفتاح الذهني, كل ما عليك فعله هو التفاعل مع أشخاص من ثقافات وخلفيات فكرية متعددة من المؤكد ألا تتفق معهم في كافة الجوانب ولكن ستتعلم من اختلافهم وستفهم أنواع من التفكير.

سابعًا اعد صياغة أفكارك السلبية, الشخص ذو الانفتاح الذهني هو من يفضل رؤية الجانب الإيجابي للموقف بدلا من الاستسلام للتفكير السلبي, لهذا إذا وجدت نفسك تلجأ للحكم السريع فعليك أن تتوقف وتعمل على إعادة تفسير الموقف بنمط واقعي.

ثامنًا الاعتراف بأهمية التعلم المستمر, عملية الانفتاح الذهني لا تنشأ دون التواضع الفكري, لهذا عليك إدراك أنك لا تعرف كل شيء وأنه من الطبيعي أن تكون مخطأ أحيانًا وأن هذا ليس ضعفًا منك, ولهذا إذا قال لك أحد معلومة جديدة أو صححها لك فكل ما عليك فعله هو إظهار الامتنان له.

مع نهاية المقال تذكر أن الانفتاح الذهني يتطلب من احتضان وتقبل اختلافات الآخرين والاستماع إليهم حتى لو لم تكن تتوافق مع آرائك.

يمكنك قراءة أيضًا :

فن الكاريزما: كيف تترك انطباعًا لا ينسى أينما ذهبت؟

زر الذهاب إلى الأعلى