الصحة العقليةتطوير الشخصية

علاقات البشر مع الذكاء الاصطناعي: من الصداقة إلى الارتباط العاطفي

انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة تكوين روابط عاطفية ورومانسية مع روبوتات الدردشة الذكية، مما أثار قلق خبراء الصحة النفسية بسبب آثارها الاجتماعية والنفسية العميقة، خاصة على الشباب والمراهقين.

في السنوات الأخيرة، لم يعد الذكاء الاصطناعي (AI) مجرد أداة تقنية تُستخدم للبحث أو الترفيه، بل تحول لدى كثير من الشباب حول العالم إلى “رفيق” عاطفي وربما شريك افتراضي. هذا التغير، الذي بدأ بتفاعلات بسيطة عبر تطبيقات الدردشة الذكية (AI Chatbots)، تطور إلى اعتماد نفسي وعاطفي ملحوظ، ما أثار قلق الأطباء النفسيين وخبراء الصحة العقلية. ومع تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي وقدرتها على محاكاة السلوك الإنساني والتفاعل العاطفي، تزداد خطورة هذه الظاهرة التي تمس الصحة النفسية، العلاقات الاجتماعية، وحتى الهوية الشخصية.


النقاط الرئيسية 

  • تزايد عدد المراهقين والشباب الذين يشكلون روابط عاطفية ورومانسية مع روبوتات المحادثة الذكية (AI Chatbots).
  • بعض الحالات تشمل اعتمادًا نفسيًا كاملًا على هذه الأدوات، مما يؤثر على القدرة على التفاعل مع البشر في الحياة الواقعية.
  • الظاهرة تمتد من المدن الكبرى إلى المناطق الريفية، وتشمل آثارًا اجتماعية وسلوكية سلبية.
  • الأسباب الجذرية تشمل الوحدة، ضعف الروابط الأسرية، قلة الإشراف الأسري، وضغوط الدراسة.
  • الخبراء يحذرون من أن تطور الذكاء الاصطناعي ليصبح أكثر إنسانية سيزيد من انتشار هذه الظاهرة.

الموضوع بالتفصيل

1. من التفاعل البسيط إلى الاعتماد العاطفي

بدأت القصة كتجربة رقمية عادية—شاب أو مراهق يجرّب التحدث مع برنامج ذكاء اصطناعي للحصول على نصيحة أو تمرير الوقت. لكن، بفضل قدرة هذه البرامج على المحادثة المستمرة، التفاعل العاطفي، وتقديم الدعم دون حكم أو انتقاد، تحولت العلاقة في بعض الحالات إلى ارتباط نفسي عميق.

على سبيل المثال، فتاة في الثانية عشرة من عمرها في مدينة حيدر أباد الهندية كوّنت علاقة وثيقة مع ChatGPT، أطلقت عليه اسمًا شخصيًا واعتبرته صديقًا مقربًا تشاركه مشاكلها العائلية والمدرسية والاجتماعية. حالة أخرى لرجل في الثانية والعشرين ابتكر في ذهنه قصة رومانسية كاملة مع روبوت ذكاء اصطناعي، اعتبره حبيبة توفر له الأمان العاطفي الذي لم يجده في حياته الواقعية.


2. الظاهرة ليست حكرًا على المدن الكبرى

التقارير الطبية تشير إلى أن هذه الظاهرة موجودة أيضًا في المناطق الريفية، حيث أدى الارتباط بالذكاء الاصطناعي أحيانًا إلى تغييرات سلوكية مقلقة، مثل الاطلاع على محتوى غير مناسب، أو الانفتاح المفرط على الغرباء، أو تغير الهوية والانجذاب الجنسي المفاجئ بناءً على تجارب رقمية فقط.


3. انعكاسات خطيرة على الواقع

الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي يمكن أن يمتد إلى القرارات الواقعية. على سبيل المثال، امرأة في الخامسة والعشرين اعتمدت على روبوت دردشة للحصول على نصائح حول كيفية جذب زميل لها، الأمر الذي أدى في النهاية إلى اتهامها بالمطاردة وانهيار حياتها المهنية.


4. الأسباب الجذرية وراء الظاهرة

يُرجع الخبراء هذه الظاهرة إلى عدة عوامل:

  • الوحدة والعزلة الاجتماعية الناتجة عن نمط الحياة الحديث.
  • الأسر وقلة الإشراف الأسري الفعّال.
  • الخوف من الحكم الاجتماعي أو الرفض.
  • ضعف تقدير الذات لدى بعض الأفراد.
  • ضغوط الدراسة والفشل الأكاديمي التي تدفع الشباب للهروب إلى عوالم رقمية توفر لهم شعورًا مؤقتًا بالأمان والقبول.

5. تحذيرات الخبراء للمستقبل

مع تطور الذكاء الاصطناعي ليصبح أكثر قدرة على تقليد المشاعر الإنسانية، سيصبح من الصعب التمييز بين التفاعل مع آلة أو إنسان حقيقي. هذا يجعل الروابط العاطفية مع الذكاء الاصطناعي أكثر شيوعًا وأكثر خطورة، خاصة على الفئات العمرية الصغيرة التي لا تزال تبني هويتها وشخصيتها.


الخاتمة

الذكاء الاصطناعي أداة قوية يمكن أن تكون نعمة أو نقمة. وبينما يمكن أن يقدم الدعم والمساعدة، فإن الاعتماد العاطفي عليه قد يقود إلى فقدان مهارات التواصل الواقعي، الانعزال الاجتماعي، وحتى اضطرابات الهوية. على الأفراد والأسر والمجتمعات أن يوازنوا بين الاستفادة من هذه التكنولوجيا والوعي بمخاطرها، مع تعزيز الروابط الحقيقية في الحياة اليومية.


 

زر الذهاب إلى الأعلى