ما هو مرض فقدان الشهية العصبي؟
في هذا المقال نكتشف معًا ما هو مرض فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa)، أسبابه، أعراضه، وطرق علاجه، بالإضافة إلى دور الأهل والأصدقاء في دعم المصاب.

🟢 ما هو مرض فقدان الشهية العصبي؟
هل يمكن أن يؤدي الهوس بالنحافة إلى تدمير الجسد والعقل؟
فقدان الشهية العصبي، أو كما يُعرف طبيًا بـ (Anorexia Nervosa)، يُعدّ واحدًا من أخطر اضطرابات الأكل التي تهدد حياة الإنسان جسديًا ونفسيًا. لا يقتصر الأمر على مجرد “رغبة في النحافة”، بل هو صراع داخلي عميق مع صورة الجسد، وفقدان السيطرة على العلاقة مع الطعام، والخوف المستمر من زيادة الوزن. هذا المرض لا يؤثر فقط على الجسد، بل يمتد ليطال الهرمونات، المزاج، والرغبة في الحياة نفسها.
⚖️ ما هو مرض فقدان الشهية العصبي؟
يتميّز هذا الاضطراب بنقص حاد في الوزن نتيجة اتباع المصاب أنظمة غذائية صارمة وممارسات قاسية للتحكم في الوزن.
ورغم أن المريض يكون في حالة نقص وزن شديد (Severe Underweight)، إلا أنه يرى نفسه بدينًا أو يخاف من اكتساب أي وزن إضافي.
يُمارس المصابون طرقًا مختلفة للسيطرة على وزنهم، مثل:
- الامتناع عن الطعام أو تقليل كمياته بشدة.
- الإفراط في ممارسة الرياضة.
- التقيؤ المتعمد بعد تناول الطعام.
- استخدام الملينات (Laxatives) أو مدرات البول (Diuretics) أو أدوية مثبطة للشهية.
تؤدي هذه السلوكيات إلى اضطرابات هرمونية واضحة، حيث تفقد العديد من الفتيات والنساء المصابات دورتهن الشهرية، بينما يعاني الذكور من انخفاض الرغبة الجنسية نتيجة اضطراب إفراز الهرمونات.
📊 ما مدى شيوع المرض؟
تشير الإحصاءات إلى أن ما بين 0.3% و1.2% من الناس يصابون بمرض فقدان الشهية العصبي في مرحلة ما من حياتهم.
كما أن نحو 2.4% يعانون من شكل “غير نمطي” من المرض (Atypical Anorexia)، حيث لا تتحقق كل معايير التشخيص بشكل كامل.
💊 هل يمكن علاج فقدان الشهية؟
رغم صعوبة العلاج، إلا أن الأمل موجود.
تشير الدراسات إلى أن 40–60% من المرضى يتماثلون للشفاء بعد خمس سنوات من بدء العلاج النفسي، بينما تستمر المعاناة لدى حوالي 30% من الحالات.
يُعتبر خطر الوفاة بسبب هذا المرض مرتفعًا نسبيًا، سواء بسبب المضاعفات الجسدية الخطيرة أو زيادة خطر الانتحار (Suicide Risk).
🔍 كيف يتطور المرض؟
تتداخل عدة عوامل في نشوء هذا الاضطراب، منها:
- عوامل اجتماعية: مثل الهوس بالنحافة المنتشرة في معايير الجمال الحديثة، وضغط وسائل التواصل الاجتماعي.
- عوامل بيولوجية: كالعوامل الوراثية أو اضطراب النواقل العصبية.
- عوامل نفسية: مثل ضعف الثقة بالنفس، أو الرغبة في التحكم الذاتي.
- عوامل حياتية: كفقدان شخص عزيز أو المرور بتجارب صادمة.
🚨 من الأكثر عرضة للإصابة؟
النساء أكثر عرضة للإصابة من الرجال بمعدل عشرة أضعاف، خصوصًا خلال فترة المراهقة بين 14 و18 عامًا.
كما ترتفع المخاطر بين:
- الرياضيين، خصوصًا في الألعاب التي تعتمد على المظهر الجسدي أو الوزن (كالجمباز، الباليه، المصارعة).
- الأقارب من الدرجة الأولى للمصابين (مثل الأمهات أو الأخوات أو البنات)، حيث تزيد احتمالية الإصابة بنحو 11 ضعفًا.
🔎 كيف تعرف أنك مصاب بفقدان الشهية؟
علامات مبكرة تشمل:
- عدم الرضا عن شكل الجسم أو الوزن.
- القلق المستمر بشأن الطعام والسعرات الحرارية.
- الإفراط في الحمية أو الصيام المتعمد.
- تناول الطعام في الخفاء أو التقيؤ بعد الأكل.
- نوبات من الأكل الشره (Binge Eating) متبوعة بالندم أو التعويض.
يتطور المرض تدريجيًا، لذا من الضروري طلب المساعدة مبكرًا.
عادة يبدأ العلاج عبر الطبيب العام (General Practitioner) أو المعالج النفسي (Psychotherapist)، الذي يُجري فحصًا شاملاً ومقابلة تقييمية لتحديد خطة العلاج المناسبة.
🧩 كيف يتم علاج فقدان الشهية العصبي؟
العلاج الأساسي هو العلاج النفسي (Psychotherapy)، ويشمل:
- العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive Behavioral Therapy – CBT): لتغيير الأفكار السلبية حول الجسد والطعام.
- العلاج الديناميكي (Psychodynamic Therapy): لفهم الصراعات النفسية العميقة المسببة للمرض.
يُفضّل أن يكون الأخصائي ذو خبرة في اضطرابات الأكل، ومع المرضى القُصّر تُشرك الأسرة ضمن العلاج.
تكون الجلسات عادة أسبوعية، وقد تُستخدم الأدوية (Medications) كعامل مساعد بعد استشارة الطبيب.
في الحالات الشديدة، يُوصى بالعلاج داخل مستشفى متخصص في الطب النفسي الجسدي (Psychosomatic Medicine) أو أقسام متخصصة في اضطرابات الأكل.
أما إذا كانت زيارة الطبيب أو المعالج صعبة، فهناك مراكز استشارات (Counseling Centers) تقدم الدعم والتوجيه المناسب.
❤️ ما دور الأهل والأصدقاء؟
من المهم أن يتحدث المقربون إلى المصاب بلطف وبدون اتهام، حتى إن لم يستجب في البداية.
وفي الوقت نفسه، عليهم عدم تحمّل العبء وحدهم، بل طلب المساعدة من مراكز الدعم والمعالجين النفسيين لتعلم كيفية التعامل مع الحالة دون إيذاء المصاب نفسيًا.
🧾 ملخص النقاط الرئيسية:
- فقدان الشهية العصبي اضطراب نفسي خطير يرتبط بالخوف من زيادة الوزن.
- يصيب النساء أكثر من الرجال، خصوصًا في سن المراهقة.
- للعوامل الاجتماعية والنفسية والوراثية دور في ظهوره.
- العلاج النفسي هو الأساس، مع دعم الأسرة والأصدقاء.
- التدخل المبكر يزيد فرص الشفاء بشكل كبير.
🕊️ الخاتمة:
فقدان الشهية ليس ضعفًا في الإرادة، بل مرض يحتاج إلى تفهّم ودعم وعلاج متخصص.
كل كلمة دعم، وكل خطوة نحو العلاج، يمكن أن تُعيد للمصاب ثقته بجسده وحياته.
الصمت يؤخر الشفاء، أما الوعي فهو بداية الطريق نحو التعافي الحقيقي.




