تطوير الشخصية

خطوات عملية لإيجاد نفسك وبناء حياة

يشعر الفرد بأنه تائهًا بين توقعات الآخرين ومتطلبات المجتمع ويصل لمرحلة من فقدان صلته الحقيقة بذاته ويجد نفسه يحقق أهداف ليس أهدافه فقط من أجل إرضاء الآخرين, ولكن يسعى للبحث عن شيء مفقود في هويته ويبدأ في التساؤل حول كيف يجد نفسه.

ما هو إيجاد الذات؟

البحث عن الذات أو إيجادها هي عملية يقوم بها الإنسان بنمط واعي وذلك لغرض رئيسي هو لاكتشاف هويته والتعرف على قيمه ومعتقداته ومعرفة ما يريد الوصول له في حياته دون التأثر بضغوط دائرة الأشخاص المحيطين به وتوقعاتهم.

لهذا يمكن القول أن رحلة اكتشاف الذات تمكن الفرد من التصالح مع نفسه مع التعرف على النقاط التي تمييزه والعكس وتوضح له أحلامه وشغفه.

أهمية أن تجد نفسك

أولا الوضوح الداخلي, معرفة الفرد لنفسه بعمق تجعله واعي تجاه ما يريده وما لا يرغب فيه وبالتالي تمكنه بنمط وثيق من اتخاذ القرارات الصحيحة.

ثانيًا تعزيز الثقة بالنفس, خطوة فهم الذات تساعد الفرد على تقديرها ونتيجة لهذا تزيد قوة الشخصية وتعزز من قدرته على مواجهة التحديات دون الشعور بالشك أو الخوف.

ثالثًا علاقات صحية, معرفة الفرد لنفسه وكذلك لحدود وقيمه تمكنه من إختيار الأشخاص في حياتهم بالإضافة لحرصه على تحديد حدود واضحة تحميه من التعرض للاستغلال أو العلاقات السامة.

رابعًا تحديد الأهداف الحقيقية, من النتائج الإيجابية على إيجاد النفس هو تمكن الفرد من وضع الأهداف التي تتوافق مع قيمه ورغباته, وليس السعي للأهداف التي يرغب المجتمع والعائلة في تحقيقها.

خامسًا السلام النفسي, معرفة الشخص منسجم يشعر تلقائيًا بالراحة الداخلية وتقل حدة الصراع النفسي الذي بداخله وهذا يعود عليه بإيجابيه على صحته النفسية والعاطفية.

سادسًا القدرة على النمو والتطور, خطوة معرفة النفس ليس الخطوة النهائية ولكن هي تمكن الفرد على النمو المستمر وتعمل على تطوير مهارات الفرد لمواجهة باقي تحديات الحياة.

تحديات اكتشاف الذات 

أثناء رحلة إيجاد النفسي أو الرغبة في البحث عن الذات تمر بمعوقات تعرقل عليك رحلة البحث, لهذا سنسلط الضوء على تحديات اكتشاف الذات بالنقاط التالية :

أولا الخوف من مواجهة الحقيقة :

  1. الخوف من التغيير, أولى خطوات اكتشاف الذات تتطلب من إعادة تشكيل حياتك مثل إنهاء علاقتك ببعض الأشخاص أو الاستقالة من وظيفة ما, جميع تلك الخطوات تسبب لك قلق وتعرقل من عملية تغييرك.
  2. الخوف من معرفة العيوب, فئة من الأفراد لا يرغبون في التعرف على أنفسهم بسبب الخوف من مواجهة أخطائهم أو معرفتهم صفاتهم السلبية.
  3. الخوف من الرفض, إذا بدأ الفرد في اكتشاف نفسه فعليًا يرى الأشخاص المحيطين به يرفضون تغييره في حالة إذا لم يتوافق التغيير مع رغباتهم.

 

ثانيًا تأثير الضغوط المجتمعية والثقافية :

  1. التوقعات الاجتماعية : يعتقد الفرد بأنه مضطر لاتباع مسار حياة معين سواء الزواج أو الوظيفة أو نمط حياة يرضى المجتمع.
  2. المقارنة بالآخرين : حياة التواصل الاجتماعي تسبب الضغط على الأشخاص وذلك يرجع لأنهم يقارنون حياتهم بحياة غيرهم.
  3. القوالب النمطية : مثل أن الرجل هو دائماً الشخص الأقوي والمرأة هي التي تضحى.

ثالثًا الارتباط بتجارب الماضي :

  1. الصدمات النفسية والتجارب المؤلمة : سواء الفقد والتعرض للإهمال بمرحلة الطفولة وهذا يرسخ لدي الشخص معتقدات سلبية تجاه ذاته.
  2. التعلق بالماضي : التفكير الدائم سواء في أخطاء الماضي أو الخفاقات تعرقل من عملية اكتشاف الذات.
  3. الخوف من تكرار الفشل : التجارب السابقة الذي أنتهت بالفشل تدفع الفرد لتجنب المخاطرة أو السعى نحو استكشاف جوانب مجهولة من شخصيته.

رابعًا غياب الوضوح الداخلي :

  1. عدم معرفة القيم الشخصية : يشعر الفرد بالضياع في حالة عدم معرفته بأولوياته في الحياة.
  2. صعوبة تحديد المشاعر : إذا لم يفهم الشخص مشاعره فستختلط عليه مشاعر الحزم بالغضب أو القلق بالإحباط.
  3. تشوش الأهداف : سعيك لإرضاء الجميع يترتب عليه فقدان ما تريده في شخصيتك.

خامسًا ضيق الوقت والانشغال الدائم :

  1. نمط الحياة السريع : الانشغال بالمسؤوليات والمهام اليومية تعرقل الفرد في اتخاذ خطوة نحو التفكير في الذات.
  2. تأجيل الاهتمام بالنفس : يستغل الفرد مبدأ انشغلاه طريقة لتأجيل استكشافه لنفسه.
  3. الإرهاق المستمر : التعب سواء الجسدي أو النفس يجعل التفكير العميق حول الذات أمر شاق.

سادسًا مقاومة التغيير الداخلي : 

  1. منطقة الراحة : طبيعة الإنسان الفطرية هي الرغبة في البقاء بالوضوع المعتاد حتى لو كان غير مريح ولكن يشعره بالأمان.
  2. الصراع الداخلي : يشعر الفرد بالتردد بين هويته الحقيقية وبين ما يظن أن الآخرين يتوقعونه منه.
  3. التمسك بالمعتقدات القديمة : يجد الفرد صعوبة في التخلي عن المعتقدات التي نشأ وتربى بها.

كيف تجد نفسك؟

حرصك على الاهتمام باكتشاف نفسك فان تسمح لنفسك لعيش حياة تحبها وكذلك تساعد نفسك على اتخاذ قرارات تدعم صحتك النفسية والجسدية وبالتالي تحققق أهدافك طويلة المدى, لهذا سنسلط الضوء على نصائح تساعد على إيجاد نفسك بالتالي :

1- حدد ما يهمك حقًا, عملية اكتشاف الذات تتم بواسطة التأمل العميق حول ما تريد تحقيقه في حياتك, ومعرفتك لقيمك الأساسية مع تقبل ذاتك تمكنك من وضع أهداف ذات معني.

الوعي العميق حول النفس يمهدك على اتخاذ القرارات التي تتماشى مع قيمك وتعزز شعور بالقبول الذاتي, وأول خطوة لمعرفة ما يهمك هو أن تسأل نفسك مجموعة أسئلة مثل ما هي الأشياء التي تحبها في حياتك الحياة وما هو مصدر الطاقة والسعادة.

2- تخيل الحياة التي تريدها, بعدما عرفت قيمك وأهدافك في الحياة, تأتي الخطوة التالية وهي تخيل الحياة التي تأمل العيش بها, الغرض الرئيسي من هذا التخيل هو مساعدتك على تحديد العناصر التي تحقق لك كل من الإشباع والسعادة ويرشدك للطريق من أجل الوصول لأفضل نسخة منك.

ولمعرفة الحياة التي تريدها يمكنك الاستعانة بصنع لوحة الرؤية التي تشمل كل من الصور والأفكار التي تلهمك, بالإضافة لممارسة التأمل بشكل يومي حتى تتخيل كيف ستشعر في حياة التي تريدها وكيف تقضي وقتك ومن هم الأشخاص المحيطين بك.

3- تواصل مع طفلك الداخلي, تلك الطريقة هي أول خطوة نحو اكتشاف الذات, وذلك يرجع لأن تجارب ومشاعر الطفولة هي التي تؤثر على نمط أفكار وسلوكيتنا حتى الوصول لمرحلة البلوغ, ويمكنك طرح أسئلة على نفسك مثل ما هي الهوايات التي كنت أحبها بالطفولة ولماذا توقفت عنها وكذلك ما هي الأنشطة التي حلمت بتجربتها ولم تتح لي الفرصة من قبل.

تلك الخطوة تكشف عن أنماط عاطفية أعمق أو جروح الماضي, قد تجد الأمر صعب في البداية ولكن هي بداية من الشفاء والنمو الداخلي.

4- راجع علاقاتك, العلاقات المحيطة بك تكشف الكثير عن شخصيتك وعن نقاط قوتك ومخاوفك, والنظر لها تمكنك من التعرف على أسباب بعض من سلوكياته, لهذا عليك التناقش مع نفسك حول هل تلك العلاقات صحية أو تستنزفي عاطفيًا وهل تؤثر على صحتي النفسية ونظرتي لنفسي, هل أمتلك القدرة على وضع حدود صحية مع الآخرين, هل أتحلى بالثقة مع الأشخاص المقربين لي.

بعد الإجابة على تلك الأسئلة تذكر أن سيرك للحياة لا يجب أن يتوافق مع مسارات الآخرين وكن دائمًا واثق بمشاعر الداخلية.

5- جرب أشياء جديدة وأخرج من دائرة الراحة, تلك الخطوة هي أسرع طريقة لاكتشاف الذات وبالأخص إذا تحديت نفسك وخضت تجارب جديدة سواء الجسدية أو العاطفية والإبداعية والتي تكشف لك عن طريقتك في الاستجابة للضغوط وكذلك من أجل التعرف على ما يثير حماسك وتكشف لك عن نقاط قوتك.

تذكر أن كل تجربة جديدة تزيد من ثقتك بنفسك وتوسع فهمك وإدراكك لقدراتك, وعملية النمو لا تحدث داخل منطقة الراحة ولكن تحدث أثناء خوض التحديات.

6- نظم أفكارك وقيم تقدمك, قبل أن تبدأ إيجاد واكتشاف النفس تذكر أنها ليست وفقًا لمسار واحد ولكن ستمر بلحظات من الحماس والشك والوضوح وعدم الراحة.

وحتى تبقى بشكل متوازن يمكنك تخصيص وقت بصورة أسبوعية للتفكير حول ما الذي جربته خلال هذا الأسبوع وكذلك التعرف على هل الذي جربته متوافق مع ذاتك الحقيقة وما الذي استنزف طاقتك وما الذي ترغب بالاستمرار به في المستقبل.

يمكنك قراءة أيضًا : 

أسئلة يوميات لاكتشاف الذات: دليلك لاستعادة حقيقتك

زر الذهاب إلى الأعلى