الذكاء الاصطناعي والمنتسوري.. تعرف على المزايا والعيوب وطرق التوازن بينهما

أساليب التعلم في نظام المنتسوري تعتمد بشكل رئيسي على التعلم الذاتي والاستكشاف العملي والتفاعل بين المعلم والطالب, ولهذا يتساءل البعض هل سيؤثر الذكاء الاصطناعي على جودة عملية التعلم.
وبالنظر للطفرة التي أحدثها الذكاء الاصطناعي بالعديد من المجالات وأبرزها مجال التعلم, حيث قدم المساعدة للمعلم وكذلك عادة بالفائدة على نظام تعليم المنتسوري.
واختلفت الآراء حول فائدة الذكاء الاصطناعي حيث يرى البعض أن الذكاء الاصناعي مكن الطلاب ومعلمي المنتسوري وسهل عملية التعلم وأصبحت تتسم بالمرونة والجاذبية, فيما يرى البعض الآخر أن الاعتماد بصورة زائدة على الذكاء الاصطناعي في عملية تعلم المنتسوري يضعف من مهارات مهمة مثل حل المشكلات ويقلل من فرص التعلم العملي.
يمكنك تُخيل فصل دراسي يتواجد في أدوات ذكية بالإضافة لوجود التكنولوجيات التي تعمق من عملية التعلم ولكن تساعد الطفل بصورة جيدة دون أن يبذل جهد وتحدى للتعلم, بخلاف فصل المنتسوري الذي يسعى لتعزيز الاستقلالية دون الاعتماد على أي وسيلة وتنمى فضول الطفل.
ولهذا سنعرض لكم في هذا المقال فوائد الذكاء الاصطناعي على نظام المنتسوري بالإضافة للمخاطر التي يجب على المعلمين والأباء الحذر منها.
ما هي فوائد الذكاء الاصطناعي في تعليم المنتسوري
تركز فصول المنتسوري على مبدأ يتمثل في أن يتعلم ويستكشف الطفل بناء على معدل سرعته في إستقبال المعلومة وبدافع الفضول ولا يوجد أي إجبار وتعليمات صارمة, ولكن مع وجود الذكاء الاصطناعي هل سيؤثر ذلك على عملية التعلم وتلبي احتياجات الطفل, لذلك سنعرض لكم فوائد الذكاء الاصطناعي في التالي :
أولاً التعلم المخصص والتغذية الراجعة التكيفية
يساعد الذكاء الاصطناعي على تقيم نمط التعلم وإعادة ضبط التجربة التعليمية بناء على هذا النمط, حيث سنلاحظ أن كل طفل يختلف عن غيره في عملية التعلم فسنجد طفل يتقن الانماط الرياضية ونظيره لا ولكن يتقن عملية أصوات الحروف, ولهذا يقوم الذكاء الاصطناعي بتوفير ادوات التعلم وتتابع تطور الطفل وبالتالي يتقدم الطفل بصورة فعالة دون إرهاق.
ومثال توضيحي على تلك النقط يمكن للذكاء الاصطناعي وبالأخص مساعد للقراءة أن يستمع لنطق الطفل ويعيد تصحيحه بلطف حتى يتقنه الطفل دون إحباط.
ثانياً تعزيز الإبداع وحل المشكلات
يتيح الذكاء الاصطناعي القصص التفاعلية والتعليم الابداعي ويحفز الطفل على تجريبه, كما أن يسمح للطفل أن يؤلف كتب ويلحن الموسيقي بالإضافة لإنشاء فنوف تفاعلية جميعها من خلال الذكاء الاصطناعي.
لذلك يمكن للمنتسوري الاستفادة من الذكاء الاصناعي من خلال اقتراح أفكار تحفز التفكير العميق وتشجع على حل المشكلات وذلك في صورة ألعاب ببرمجة أو تأليف قطعة موسيقية والكثير من الأنشطة التي تنمى قدرة الطفل على الابتكار.
ثالثاً التهيئة المبكرة للوعي الرقمي
يمهد الذكاء الاصطناعي الطفل للعالم الرقمي الذي سيكون جزء من حياتهم اليومية سواء في كيفية التواصل والعمل بالمستقبل وحل المشكلات, لهذا يعد إدراج الذكاء الاصطناعي في فصول المنتسوري أمر لا يقتصر على استخدام أدوات ذكية بل يساعد الطفل على تعلم التفكير النقدي حول التكنولوجيا.
رابعاً دعم المتعلمين ذوي التنوع العصبي
يمنح الذكاء الاصطناعي موارد فردية تلائم الاحتياجات التعليمية المختلفة, حيث يؤمن المنتسوري بأن كل طفل يستحق تجربة مصممة بناء على تحدياته الخاصة, وإذا كان الطفل من فئة التنوع العصبي فأن الذكاء الاصطناعي يقدم دعم منطم يلائم احتياجاتهم.
إذا كان الطفل يعاني من مشاكل في التأخر اللغوي أو يلزمه برامج تفاعلية صديقة للحواس فيمن للذكاء الاصطناعي مساعدته في إعداد بيئة تعليمية, ومن مميزات الذكاء الاصطناعي أنه صبور ولا يصدر أحكام ويتيح تكرار التمرين.
بعدما ذكرنا فوائد الذكاء الاصطناعي في فصول المنتسوري يأتي بعد ذلك خطوة التعرف التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على نظام تعليم المنتسوري.
التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على تعليم المنتسوري
يقلق البعض حول دور الذكاء الاصطناعي السلبي على تعليم المنتسوري, حيث يفضل البعض من مقدمى الرعاية نظام المنتسوري لأنه يتيح للطفل الاستكشاف الواقعي والتجارب الحسية وتعزيز الروابط الإنسانية ولكن يخشون من وجود الذكاء الاصطناعي كأدة تعليمية تقلل من فوائد المنتسوري.
أولاً الوقت أمام الشاشات مقابل التعلم العملي
فصول المنتسوري تقدم العديد من الأنشطة التي تساعد على تحفيز الحواس مثل تتبع الحروف الملموسة أو بناء الأبراج أو سكب الماء في الأواني وبالتالي يتعلم الطفل اللمس والحركة, ولكن تطبيقات الذكاء الاصطناعي لا توفر التجربة التعليمية المحسوسة وبالتالي تفتقر للارتباط الحسي الواقعي الذي يعد جوهر تعليم المنتسوري.
وتلك النقطة تعد من أبرز مخاوف معلمين المنتسوري ويؤمنون أن التكنولوجيا عليها أن تعزز الاستكشاف الجسدي وليس أن تحل محله, كما أن الاستخدام الزائد للذكاء الاصطناعي يحول الطفل لمتعلم سلبي بدلاً من الحصول على المعلومات واختبارها بالحواس.
ثانياً التفكير النقدي والاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي
يحفز نظام تعليم المنتسوري الاطفال على طرح الأسئلة والاكتشاف الذاتي والتجريب وبالتالي لا تعاقب الطفل إذا أخطأ وتشجعه على أن يتعلم من تجربته, ولكن مع وجود الذكاء الاصطناعي فهو سيساعد الطفل بصورة سريعة وبالتالي كثر الاستعانة به يضعف لدي الطفل مهارات حل المشكلات والتفكير النقدي.
ومثال توضيحي على تلك النقط إذا كان الطفل في فصول المنتسوري يستخدم الخرز لعد الأرقام فبالتالي سيفهم الكمية بالبصر واللمس ولكن عند إعتماده على الذكاء الاصطناعي فسيقدم له تلميحات أو يصحح الخطأ بشكل تلقائي دون أن يتفاعل الطفل, ولذلك تضعف التكنولوجيا من عملية التعلم.
ثالثاً المخاوف الأخلاقية والخصوصية
في الأغلب تجمع أدوات الذكاء الاصطناعي بيانات الطلاب التي تتمثل في تتابع تقدمهم أو تحلل سلوكياتهم التعليمية وعلى هذا قد يقلق معلمين المنتسوري حول تلك البيانات لأن اطفال مدارس المنتسوري أثناء عملية التطوير يشعرون بالخصوصية والاستقلالية والموافقة.
ويتساءل معلمي المنتسوري ومقدمي الرعاية هل تلك البيانات تستخدم لأغراض تجارية ومن معه تلك البيانات.
وبالنظر لسياسات نظام المنتسوري سنجد أنه يعلي من قيم الثقة والاحترام تجاه الطفل, والتأكيد على أن أي أداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي يجب أن تحترم تلك القيم من خلال ضمان النقاط التالية :
- الحفاظ على بيانات تعلم الطفل بصورة سرية وآمنة.
- لا تسبب التقييمات الآلية أي صورة من الضغوطات غير الضرورية.
- المعلم ومقدم الرعاية هم فقط المسؤولين على توجيه مسار عملية التعلم وليس الخوارزميات.
التوازن بين الذكاء الاصطناعي ونظام تعليم المنتسوري
يعد استخدام الذكاء الاصطناع بعناية في نظام تعليم المنتسوري أمر يحفز الإبداع ولكن الاعتماد عليه بكثرة يعرقل من الالتزام بمبادئ المنتسوري الأساسية.
ولتحقيق هذا التوازن فيجب إتباع التوصيات الخاصة بالوقت المحدد لوقت الشاشات بناء على الفئات العمرية الذي يتمثل في :
الفئة العمرية من صفر وحتى سنتان : لا يوجد وقت للتعرض للشاشات, لأن تلك المرحلة يحتاج الطفل لنظام تعليمى بالحواس من أجل تطوير المهارات الأساسية.
الفئة العمرية من ثلاث حتى خمس سنوات : يتعرض الطفل للشاشات من 25 إلى 60 دقيقة في اليوم الواحد مع وجود إشراف ويستخدم الذكاء الاصطناعي بناء على النشاط ولكن يفضل أن يستخدم لدعم مهارات الابداع والاستكشاف وليس لاستبدال المهام الواقعية.
الفئة العمرية من ست حتى اثنى عشر سنة : يتعرض الطفل في تلك الفئة العمرية للشاشات من ساعة إلى ساعتين في اليوم ولكن يفضل الأنشطة التعليمية بالإضافة لذلك يمكن تخصيص بعض الوقت للذكاء الاصطناعي ولكن مع وجود التعلم العملي كعنصر رئيسي لا يتم استبداله بالذكاء الاصطناعي.
الفئة العمرية من ثلاثة عشر حتى ثمانية عشر سنة : يتعرض للشاشات من ساعتين حتى ثلاث ساعات ويتنوع الاستخدام من تعليمي واجتماعي, ويقتصر دور الذكاء الاصطناعي على كونه أداة داعمة فقط ولا يتم اللجوء لها على أنها أداءة للتفكير النقدي وحل المشكلات.
لذلك على مقدم الرعاية والمعلم إدراك أهمية أن يخوض الطفل في البداية التجربة الواقعية قبل تجربة الذكاء الاصطناعي بإعتباره وسيلة للدعم, ومثال توضيحي على ذلك يجب أن يجرب الطفل العد بخرز المنتسوري بيديه قبل اللجوء للذكاء الاصطناعي في التدريبات الرياضية.
كيف يمكن للمنتسوري دعم معلمي المنتسوري.
لا يقتصر دور معلم المنتسوري على ناقل للمعرفة بل هو مرشد ويسهل على الطفل عملية التعلم ولكن في نفس الوقت يحافظ على استقلالية الطفل ويُعد له بيئة تعزز فضوله.
ويمكن للمعلم الاستعانة بالذكاء الاصطناعي كوسيلة تقدم رؤى أعمق عن مدى تطور الطلاب وتعزز التعلم الفردي وتخفف الأعباء وتوفر مساحة أكبر للتعلم العملي الهادف, ويمكن توضيح دور الذكاء الاصطناعي في مساعدة بالتالي :
أولاً تخصيص الخطط التعليمية
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح مساعد تعليمي شخصي له العديد من الأدوار مثل متابعة نقاط القوة لدي كل طالب.
ومن خصائص أدوات التعلم الخاصة بالذكاء الاصطناعي في تحليل طرق تفاعل الطفل مع المواد التعليمية ومعرفة الوقت الذي يأخذه الطفل للتعلم, ومثال توضيحي على تلك النقطة إذا كان الطفل يعاني من صعوبة في فهم الرياضيات الأساسية ولكنه متفوق في اللغة فبالتالي يقوم الذكاء الاصطناعي بإقتراح مواد منتسوري تساعد على تطوير المهارات الحسابية بالإضافة للحفاظ على تقدمه اللغوي.
وتلك الاقتراحات الخاصة بالذكاء الاصطناعي لا يتخذها بمفردها دون نيابة المعلم بل ذلك الاقتراح جاء من البيانات الخاصة بكل طفل.
ثانياً تقليل المهام الإدارية
اعتماد المعلم على الذكاء الاصطناعي يساعده على تقليل العديد من الأعباء, وبالنظر لمهام معلم المنتسوري سنجد أنه يعلم الطفل وكذلك يسجل الملاحظات ويتابع تقدم الطفل ويحضر الخطط التعليمية وبالتالي يستغرق وقت طويل في عملية الاعداد.
لهذا يمكن للمعلم الاستعانة بأدوات الذكاء الاصطناعي لمساعدته في بعض من تلك المهام وبالتالي يركز المعلم على التفاعل مع الأطفال بشكل أكبر, وبذلك يقوم الذكاء الاصطناعي بالعديد من المهام مثل :
- تقديم آراء حول تفاعل الطفل مع المواد التعليمية.
- تحليل أنماط الأداء للكشف عن الصعوبات المتكررة.
- اقتراحات مخصصة لأساليب تعلم بديلة.
تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي في نظام تعليم المنتسوري
هناك بعض العناصر التي يغفلها الذكاء الاصطناعي أثناء عمليات تقييم الطفل ومتابعته تتلخص في مراقبة لغة الجسد وأشكال الاحباط والتحولات في الفضول وتلك العناصر يراقبها معلمي المنتسوري, ويقتصر دور الذكاء الاصطناعي في هذا الأمر على إعطاء إقتراحات فقط.
لهذا على المعلم إدراك الاستخدام الصحيح للذكاء الاصطناعي كوسيلة للدعم وليس كصاحب قرار.
على الجانب الاخر لا يعد الذكاء الاصطناعي محايد وهذا يرجع بسبب البيانات التي يجمعها ومثال توضيحي على هذا قد يوصف الذكاء الاصطناعي أن طفل ما يعاني من قدرات في حل المشكلات ولكن في الحقيقة هو يفكر بطريقة إبداعية تختلف عن الصورة النمطية لذلك على المعلمين إدراك مميزات كل طفل.
هل يعد الاعتماد على التكنولوجيا حافز لفقد قيم منتسوري الأساسية؟
الذكاء الاصطناعي هو أداة مفيدة ولكن إذا اعتمد المعلم عليه بشكل مفرط فسينتج عنه نتائج عكسية لا تتوافق مع قيم المنتسوري.
أن معلم المنتسوري هو شخص مدرب على الملاحظة الدقيقة والتكيف والتفاعل وذلك بناء على نمط نمو الطفل وإذا اعتمد عليه المعلم في اتخاذ القرارت المتمثلة في اقتراح مواد التعليم وتحديد وتيرة الدرس وغيرها من القرارات فسيتحول المعلم بصورة مباشرة لمراقب سلبي وليس مرشد نشط.
لهذا يجب على المعلم الدمج الواعي بين نظام المنتسوري مع الذكاء الاصطناعي حتي يحصل الطفل على تجربة التعلم الجيدة بالإضافة لتقليل الأعباء الإدارية.
يمكنك قراءة أيضا :