الصحة العقلية

كيف تتعامل مع ضغوطات العمل

يمكن أن يتعرض الفرد لأسبوع صعب وشاق ملئ بالأحمال والضغوطات سواء إذا كان بسبب اضطرابات نفسية أو ضغوطات العمل, وهذا لا ينطبق على شخص واحد بل قد يشعر الكثير بتلك التحديات.

وفي تلك الحالة قد يقارن شخص بمعاناته مع الأخرين ويشعر أن مشكلاته صغيرة وليس ذات معني مثل الأخرين, وبالتالي هذا ينتج عنه كبت لمشاعرك ويدفعك للإنعزال عن العالم, لذلك يجب عليك ألا تتوافق مع مشاعرك ألمكبوتة ولا تقلق منها لأنها لن تساعدك وكذلك لن تساعدك الأخرين الذي تحاول دعمهم.

فخ المعاناة من المقارنة 

يمكن تعريف “فخ المعاناة من المقارنة” في أنه الشعور بأن ألمك ليس مهم للأخرين من هم حولك لأنهم يواجهون معاناة أكبر, أن ذلك التفكير الذهني يعمل على التأثير على ذاتك ويرسل لك إشارات أن مشكلاتك لا تستحق الإهتمام.

وتُولد المعاناة المقارنة من نوايا حسنة, حيث يسعى الفرد في الاعتراف بالصعوبات التي يتعرض لها الاخرين وكذلك التجنب من الشعور أن يظهر بشكل أناني حول ذاته

ولكت هناك حقيقة عليك أن تدركها هو أنه عندما تقلل من مشاعرك فهذا لا يدفع على تقليل ألم الآخرين بل يعمل على تبطيل أهمية لديك.

لذلك عليك إدارك أن المشاعر ليست منافسة للتسابق عليها ولا توجد جائزة كبيرة لأكبر معاناة, وأن المعاناة ليست لعبة نتيجتها صفر.

لكن في الحقيقة عندما تنكر مشاعرك فهذا يدفعك للشعور بالأرهاق أو الاستياء أو الانفصال وليس أفضل نسخة من نفسك لدعم الآخرين.

لماذا من المهم تكريم مشاعرك

من الممكن أن يعتقد أن معالجة مشاعرك ينم عن الشعور بالأنانية ولكن في الحقيقة ليس كذلك, ولكنها تنم عن دافع ضروري فعندما تمنح نفسك مساحة للاعتراف وتقبل مشاعرك فهذا يفسح لك الطريق لتقديم الطاقة العاطفية اللازمة لدعم الأخرين بكل صدق دون أن تستنزف طاقتك.

ويمكن تشبيه بأنه مثل قناع الأكسجين في الطائرة, حيث يجب أن تدم لنفسك الاهتمام بالمشاعر قبل أن تساعد به شخص أخر.

وتتمثل أهمية الاعتراف بالمشاعر في أنها تساعدك على التحرك بدلا من البقاء عالقاً, حيث تقول عالمة النفس “سوزان ديفيد” أن الشعور بعدم الراحة هو ثمن القبول بحياة ذات معنى.

فيما قد ينظر بعض الأشخاص أن تجاهل المشاعر أمر سهل على المدى القصير, ولكن على المدى الطويل يمكن أن يؤدي تجاهل المشاعر الى الإرهاق أو الانفصال العاطفي, لذلك سنعرض لك ثلاث إستراتيجيات تساعدك على تحقيق التوازن بين مشاعرك ودعمك للاخرين :

1- توقف عن الحكم على مشاعرك : 

إذا وجدت نفسك تفكر وتقول “لا ينبغي أن أشعر بهذه الطريقة” فعليك أن لا تتقيل تلك الأفكار وتتوقف وأعد صياغة أفكارك ومشاعرك بطريقة صحيحة بخلاف كيفية مقارنتها بمشاعر الآخرين, لذلك ليس عليك تبرير مشاعرك أو إثبات قيمتها فهي تمثل جزء من كونك إنسان.

عليك أن تُذكر نفسك أن المشاعر لا تتمثل في أنها حقائق ولكنها إشارات, فبدلاً من أن تشعر بالحزن أو القلق أو الإحباط عليك أن تسأل نفسك ماذا تحاول أن تخبرني مشاعري, فمن الممكن أن تحاول مشاعرك أن ترسل لك إشارات أنك بحاجة إلى الراحة أو التواصل مع الآخرين أو توضيح أمر يشغلك.

لذلك إذا تعرضت لشعور صعب فبدلا من أن تصدر حكم عليه فقم بتسميته وتقول مثلاً “أن أشعر بالإرهاق الآن”, ذلك التذكير يساعدك على الاعتراف من صحة تجربتك وإفساح المجال لمعالجتها.

2- امنح نفسك مساحة لتكريم طاقتك :

بالإمكانك أن تقد الدعم للآخرين دون أن تهمل رفاهيتك, والعنصر الأساسي يتلخص في خلق مساحة وليس العكس في إبعاد الناس عنك, لذلك التأكد من أنك تهتم بنفسك كذلك.

مثال إذا كان يريد صديقك الدعم من المعاناة والصعوبات التي تواجهه فيمكنك أن تقول “أريد أن أدعمك, ولكني بحاجة إلى بعض الوقت لإعادة شحن طاقتي فهل يمكنني التحقق معك غداً بدلا من الآن”.

تلك الإستراتيجية تتح لك تقديم المساعدة بطريقة تمكنك من التحكم فيها, وذلك النمط يساعدك في الحفاظ على مسار العلاقات بشكل صحي, وعندما تخصص وقت لذات لتهتم بمشاعرك فهذا يسمح لك بالظهور بكمالية وأصالة عندما تكون مستعدًا.

وإذا شعرت بالإرهاق يمكنك أن تتوقف وتسأل نفسك “ماهر الطريقة الصغيرة التي تمكن من حماية طاقتي الأن” ثم عبر عن تلك الطريقة بوضوح وعناية.

3- اترك مساحة للرحمة الذاتية : 

إذا استمرت في توجيه الأولوية والدعم للآخرين فهذا يدفعك لإهمال أحتياجاتك الشخصية, ولا يعد التعاطف مع الذات أمر سهل يتم في وقت فصير بل هو ممارسة لمعاملة نفسك باللطف مثلما تقدمه لصديقك.

لذلك إذا قضيت أسبوع من العمل الشاق فأعترف بذلك دون أن تقلل منه, فبدلاً من أن تستنزف وقتك في قول أن ذلك الأسبوع كان صعب حقاً ولا مانع من الشعور بالإرهاق فكر في طريقة يمكنك من خلالها تقديم الاعتناء بنفسك.

ويمكنك الاعتناء بنفسك من خلال عدة ممارسات سواء المشي أو تدوين يومياتك أو أن تفسح لنفسك المجال للراحة, ويمكنك أن تقدم لذاتك العناية والتعاطف في أبسط الطرق وليس من خلال طقوس معقدة, حيث يعد أمر الاعتناء بنفسك أمر بسيط يتطلب فقط لحظات سعيدة مع نفسك حتى مع وجود الفوضى.

يمكنك أن تقول لنفسك في نهاية اليوم “ما الشيء اللطيف الذي يمكنني فعلها لأن” ثم أفعل ذلك الشيء دون أي مشاعر سلبية.

امنح نفسك الإذن للشعور 

إذا فكرت في الأسبوع الصعب الذي مررت له فأهم خطوة لا تندرج في الشكوى بل أن تمنح نفسك الشعور دون أن تلوم نفسك أو تقلل من مشاعرك, وأدرك أن مشاعرك مهمة مثل مشاعر الآخرين عليك أن تقدم لها التقدير مثل تدعم الآخرين لأنها هذا يعمل عل نموها.

في حالة إذا شعرت بمشاعر ثقيلة بعد أسبوع شاق فأفسح المجال لنفسك لتشعر بها, وتذكر أنك لا تحتاج إلى أن تكسب حق الشعور بمشاعرك بل إنها صالحة لأنها ملكك.

لكن إذا ترغب وتميل في الانعزال عندما تواجه أمور صعبة فهذا لا يعني أن معالجة مشاعرك أمر ينم عن الضعف بل هذا يعني أنك إنسان, وعندما تقدم العلاج لمشاعرك فهذا يساعد على الشفا والنمو للآخرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى