ما هو التفكير الثنائي.. وطرق التغلب عليه

الشخص الذي يتسم بالتفكير المرن يساعد على صاحبة على التعلم والنمو وكذلك يحافظ على عقلية تتسم بالانفتاح والقدرة على توجيه أراءه وأفكاره بناء على المعلومات والرؤى الجديدة.
والعقلية المرنة تختلف عن التفكير الثنائي حيث يساعد على تهيئة الفرد على النمو الشخصي والمهني, بينما يعوق التفكير الثنائي عملية النمو ويعوق من التكيف مع المواقف أو اكتساب المعرفة وبالتالى يؤثر على رؤيتك لنفسك والعلاقات التي تجمعك بالآخرين.
ما هو نمط التفكير بالأبيض و الأسود؟
يمكن أن يطلق على نمط التفكير بالأبيض والأسود تحت مسمى “التفكير الثنائي” وكذلك يطلق عليه من قبل أشخاص آخرين “التفكير الكلي أو عدم التفكير”.
وإذا نظرنا لمفهوم التفكير بتعمق فهو نمط لفهم التجارب والأفكار بناء على قوالب جامدة, وذلك النوع من التفكير لا يتبع نهج الوسطية وينظر إلى الأفكار على أنها صحيح أو خطأ أو جيد أو سيء ولا يوجد وسط في الأفكار.
ويلجأ الفرد لإتباع ذلك النهج كوسيلة للدفاع أو نتيجة للتشوهات المعرفية وذلك بدلا من أن تتعامل بنمط مريح تجاه الغموض, ذلك النمط من التفكير يحيطك بحاجز لحماية نفسك وتوهيمك بإنك تمتلك السيطرة دون أن تدرك.
أمثلة على التفكير الثنائي “الأبيض والأسود”
يتسم التفكير الثنائي بأنه من أنواع الأفكار الحازمة سواء عن شخص أو مكان أو أفكار, وذلك التفكير يدفعك لترى نفسك بشكل ناجح أو فاشل بشكل كامل دون وسطية أو شخص جيد أو سيئ.
إذا كنت لا تعلم أنك تتبع نمط التفكير الثنائي فسنعرض لك بعض النقاط التي تظهر ذلك :
- إذا فكرت أنك صديقك لم يتصل بك فهذا يعني أنه لا يحبك.
- إذا فكرت أنك لم تحصل على ترقية فهذا يعني أنك سيئ في العمل.
- إذا أخطت في مهام العمل فهذا يعني أنك غير قادر على فعل أي مهام بشكل صحيح.
- كان زميلي في العمل جافاً معي اليوم فهذا يعني أنه لا يحبي.
- ألغى صديقي خططنا فهذا يعني أنه لا يريد رؤيتي.
بينما سنعرض لكم علامات تشير إلى ميلك للتفكير الثنائي, حيث إذا نظرنا إلى التفكير الثنائي فيندرج في جانبان واحد خاص بالجيد والثاني خاص بالسيئ.
- المثالية الدائمة.
- التصرف باندفاع بناء على نظرتك لشخص ما أو بناء على الموقف التي تتعرض له.
- استخدام الدائم لعبارات مثل “دائما” أو “أبداً”.
- تجد صعوبة في رؤية الفريق الدقيقة بالمواقف المختلفة.
- توجيه تفكيرك بشكل مفرط تجاه المشاعر القوية أو غير الواضحة.
- عدم الرغبة في خوض تجربة أشياء جديدة وتعلم أشياء جديدة.
- صعوبة التفرقة بين التصرفات السامة والعيوب البشرية العادية.
- تغير نظرتك عن أخطاء شريك حياتك واعتبارها علامات تحذيرية.
بناء على طريقة التفكير المتمثل في التطرف فيجد الفرد صعوبة رئية التعقيدات في الأشخاص والمواقف, ولذلك يلجأ البعض للتفكير الثنائي بسبب قلة تقدير الذات والحالات النفسية التي يعاني منها.
ما الذي يسبب التفكير الثنائي
لحماية نفسك من ذلك النوع من التفكير, عليك في البداية تعلم أدراته وذلك بواسطة التعرف على الأسباب المؤدية له, وممارسة حب الذات أثناء عملية الإدارة تساعدك على فهمه بشكل أكبر, ولذلك سنعرض لك الأسباب المحتملة للتفكير الثنائي :
1- المعتقدات المحدودة :
تتمثل تلك المعتقدات في الأفكار والأراء السلبية تجاه نفسك وبالتالي هي تبعث لك رسائل سلبية وتمنعك من بناء علاقات مع الآخرين وعدم السعى وراء تحقيق الأهداف وإهمالك لبناء حياة ذات معني.
2- اضطراب الوسواس القهري :
الشخص المصاب بالوسواس القهري قد يشخص بالإصابة بالتفكير الثنائي لأنه يوفر له الشعور بالسيطرة.
3- اضطراب الشخصية الحدية :
بناء على دراسة منشورة في المركز الوطني للمعلومات الحيوية, وجدت أن الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدية يعانون من وجود وجهات نظر مشوهة سواء على أنفسهم والآخرين.
4- القلق والاكتئاب :
بناء على الدراسات من الجمعية الأمريكية للعلوم النفسية فقد أٌثبت أن الشخص الذي يعاني من القلق يتجه إلى التفكير المطلق بشكل أكبر.
5- اضطراب الشخصية النرجسية :
بالنظر إلى الشخص النرجسي من سماته أنه يجد صعوبة في رؤية وجهات نظر مختلفة في قضية ما وبالتالي يؤدي إلى التفكير في الأبعاد المتطرفة.
6- اضطراب طيف التوحد :
أظهرت الدراسات العلمية أن الأشخاص المصابون بالتوحد يميلون إلى نمط التفكير الجامد تجاه روتينهم اليومي.
ولذلك فأت التفكير الثنائي سواء كان نابع من نظرة سلبية تجاه نفسك أو بناء على حالتك الصحية فأنه سيؤثر عليك بشكل كبير على حياتك.
تأثير التفكير الثنائي
يمتد التأثير السلبي للتفكير الثنائي حيث يؤثر على نظرتك للعالم والآخرين ويصل في أنه يؤثر على علاقاتك وصحتك ومعدل رفاهيتك, وسنعرض لكم التأثير السلبي النابع من التفكير الثنائي :
1- ضعف الثقة بالنفس :
إذا ارتكبت أي خطأ حتى لو بسيط فسترى نفسك أنك غير كافي ويمتد تأثير ويؤثر بالسلب على تقديرك لذاتك.
2- السعي نحو الكمال :
قد يتوسع مفهوم الكمالية لأنك تنظر لكل شي على أنه إيجابي أو سلبي, وستجد صعوبة في تقبل العمل أو المهام إذا شعرت بأنك لم تقوم به بالشكل الصحيح.
3- صعوبة في تحقيق أهدافك :
الخوف من الفشل يمنعك من تحقيق أهدافك, ومن منظور التفكير الثنائي فأن عدم تحقيق الأهداف طويلة وقصير المدي فهذا يشير لأنك تفكر بشكل سلبي تجاه نفسك.
4- التحديات الصحية النفسية :
أثناء تقييمك للأشياء سواء بالمعدل الجيد أو السيئ يعمل على شعورك بالإرهاق, وأثناء سعيك لتحقيق الهدف أو إصلاح علاقاتك فستشعر بالإحباط.
5- صعوبة الحفاظ عل العلاقات : إذا نبع من صيفك تصرف ما وتعتبره غير جيد فهذا يبعث لك الشعور بأنك ستتخلى عنه أو تريد إنهاء صداقته.
5 طرق لتغيير التفكير الثنائي
أثناء عملية تغير نمط التفكير الثنائي فمن الطبيعي أن تجد صعوبة في إحداث تغييرات تدريجية في طريقة التفكير.
وتتمثل عملية إعادة التفكير الثنائي في خطوات تطوير التفكير المرن, وتذكر إذا فشلت في البداية فذلك أمر طبيعي, لذلك أحرص على ممارسات التعاطف مع ذاتك والتحلي بالصبر أثناء تعلم مهارات جديدة.
1- تقنيات إعادة صياغة أفكارك
أثناء عملية التحويل من التفكير الثنائي للتفكير المرن يلزم عليك إعادة هيكلة طرق تعاملك مع عملك وعلاقاتك وإحساسك بذاتك واهتماماتك, وبناء على مقالات في علم النفس المعرفي فهي تشير على إن إتباعك للنظر من منظور الآخرين يحسن من مهارات حل المشكلات والتفاعلات الاجتماعية.
وهناك بعض الاستراتيجيات لإنشاء عقلية مرونة وإيجابية وهي :
- اكتب أفكارك: بناء على دراسة في طب الأسرة والصحة المجتمعية, فأوضحت نتائج الدراسة أن الكتابة تعزز من صحتك النفسية كما توفر لها رؤية مختلف تجاه الأشياء مما يعزز من نظرتك للأمور بصورة موضوعية.
- حدد الأفكار التي ليست حقائق : أطرح على نفس سؤال هل أفكارك الثنائية مبنية بناء على حقائق, وضع في حسبانك ما تعرفه عن الوضع أو عن نفسك وبالتالي ستجد أن الحقائق الموضوعية لا تناسب مع أفكارك.
- إعادة صياغة اللغة المطلقة لخلق مساحة للمرونة : عدل عباراتك وادرج فيها كلمات مثل “قد” أو “ربما” تلك الكلمات تسمح لك بالمرونة في التفكير حتى تصل لأرض مشتركة.
- اكتب قائمة بنقاط قوتك : تذكير نفسك بنقاط القوة والصفات الإيجابية والمهارات التى تمتلكها يذكرك على تحدي الأفكار السلبية تجاه نفسك.
مثال على النقطة السابقة فإذا فشلت في مهمة بالعمل واقتحمت الأفكار السلبية تفكيرك وترسل لذاتك عبارات مثل “لا أستطيع فعل أي شيئ بصورة صحيح ولا بد أنني فاشل في عملي”, وبدل من الفعل السلبي السابق ذكر نفسك وقل أننا أحياناً نخطأ وهذا أمر طبيعي في البشر وذكر ذاتك بإنجازاتك السابقة وخصص وقت لكتابة نجاحاتك السابقة.
2- مارس اليقظة الذهنية :
مفهوم اليقظة الذهنية تمثل في القدرة وتوجيه تركيزك على اللحظة الحالية, وبناء على البحاث أشارت أن التدخلات المعتمدة على اليقظة الذهنية تساعد الفرد على تقليل معدلات التوتر وتعزيز الصحة النفسية.
وتوجيه تركيزك على الإحساس الداخلي والبيئة المحيطة بط يفسح لك المجال لتكون حاضراً, ولتظهر بشكل واعي يمكنك ممارسة تمارين التنفس ومهارات اليقظة والتأمل.
كما يمتد تأثير ممارسة اليقظة بشكل روتيني منتظم على تغير وجهة نظرك حول التطرف النابع من التفكير الثنائي, ويمكنك ممارسة اليقظة بواسطة التمرن على مشاهدة جميع أفكارك دون أن تصدر أي حكم عليها, وقبل أن تستعجل في اتخاذ أي قرار عليك أن تجلس مع مشاعر, وعلى المدى الطويل سيتكون لك منظور واضح وعقلي لمراقبة مشاعرك وأفكارك.
3- قائمة بالاحتمالات الأخرى :
يفضل أن تتخذ وقت إذا ستأخذ قرار تجاه أمر ما بدل من التسرع, الخطوة الأولى هي أنك تدرك تكوينك لرأي مفاجئ لذلك عليك مناقشة ذاتك في الاحتمالات الناتجة عن تلك القرارات.
مثال إذا خططت مع صديقك أنك ستتكلم معه في وقت محدد, ولكن لم تتلقي تلك المكالمة وبالتالي ينشأ عندك افتراض أن صديقك لا يهتم بك ولا يريد التواصل معك.
ولذلك بدلاً من افتراض ذلك التفكير السلبي عليك مواجهتها واطرح العديد من الاحتمالات مثل ربما صديقي نسى هاتفه أو قد أنشغل في العمل ونسى الموعد.
وأثناء محاولتك لصياغة التفكير الثنائي تجنب أول فكرة تكونت واطرح سيناريوهات بديلة.
4- تحث بنفسك بلغة رحيمة :
مفهوم الحديث السلبي مع الذات هو يعني الطريقة التى تتحدث بها مع نفسك وتتسم بالقسوة, وينبع ذلك الحديث عندما توجه لذاتك رسائل مثل أنك لست كافي ذلك الأمر يمتد ويتحول لتفكير ثنائي وبالتالي يتحول لحدث سلبي مع نفسك.
مثال إذا لم تتلقى إتصال من صديقك فصوتك الداخلي سيبث لك رسائل تنم عل أنك غير جدير بالصداقة ولكن تذكر أنها أفكار وليس حقائق.
وتحديك لتلك الأفكار بواسطة استخدام لغة رحيمة يساعدك على التخلص منها, حدث ذاتك بمثل الطريقة التي تتحدث بها مع صديقك, وأحرص على إعادة ضبط أفكارك ومارس الامتنان لذاتك.
ويفضل أثناء عملية تهدئة ذاتك على ممارسة استراتيجية “العمل مع الظل” حيث تسمح لك تلك الاستراتيجية في الوصول لأجزاء اللاواعية من نفسك, كما تقدم لك الدعم للتعامل مع الندم والمخاوف والرغبات.
5- جرب العلاج السلوكي المعرفي أو العلاج السلوكي الجدلي :
تلك الأنواع من السلوك تعتمد على الأدلة ويساعدون في علاج التفكير الثنائي, وباللجوء إلى المتخصص النفس فهو يحدد لك النوع المناسب لك والاختلاف بينهما يتمثل في :
- العلاج السلوكي المعرفي : يعتمد على مواجهة وتحدي الأفكار والسلوكيات المتطفلة ويعزز من تطور عقلية النمو.
- العلاج السلوكي الجدلي : هو يقدم لك الدعم في التعامل مع المشاعر القوية بدلا من إغفال المشاعر غير المريحة التى تنبع من عدم اليقين أو الغموض ولجأ لإستخدام مهارات تنظيم العواطف.
في نهاية المقال عليك أن تدرك خطورة التفكير الثنائي حيث يصعب عليك تحقيق أهدافك وكذلك الصعوبة في الحفاظ على علاقاتك وشعورك بالثقة الذاتية, ولكن الأمر يتطلب الجهد حتى تعدل من نمط التفكير.