مفهوم الروابط الروحية.. وخطوات التخلص منها
جميع الأشخاص مروا بعلاقات راسخة في أذهانهم حتى الان, ومن المتوقع أن نفسك غير قادرة في التوفيق عن الشريك السابق أو صديق سابق لم تعد تتواصل معهم.
تلك العلاقات الراسخة في الأذهان تسمى بالراوبط الروحية, وتلك الروابط تستنزق طاقتك الذهنية وكذلك تعيق عملية تعزيز نموك وتمنعك من العيش بشكل كامل في الحاضر والتركيز فقط على الماضي,
ولذلك سنعرض لك في هذا المقال كيفية التعرف على وجود تلك الروابط, وما هي الخطوات لتوقف نموها, وتحرير نفسك من ذكريات الماضي, والمضي قدماً لتحقيق أهدافك وخلق مساحة لعلاقات آمنة.
فهم الروابط الروحية بمفهوم عملي
يعتقد بعض الأشخاص أن الروابط الروحية بمفهوم تقليدي هي روابط بشكل روحاني تربط بين شخصين عبر الزمن والمسافة.
على الجانب الأخر فأن تفسير تلك الروابط بشكل واقعي تتمثل فيها أنه ارتباط عاطفي عميق يستمر مع وجود تغيرات في الظروف الخارجية للعلاقة, ويمكن التفكير في تلك الروابط في أنها تتمثل في ذكريات معينة ومشاعر وردود تم تكوينها في عقلك بسبب تجربة علاقة مؤثرة بشكل كبير.
وفي جانب أخر نفسي يتم تفسير تلك الروابط أنها تكونت بسب نقاط ضعف مشتركة أو أنماط متكررة واستثمارات عاطفية قوية.
وتنشيء روابط داخل الدماغ عندما يواصل شخصان بشكل عميق سواء إذا كان التواصل بشكل رومانسي أو أفلاطوني أو تواصل مهني وأثناء ذلك التواصل يتبادل كلا الطرفين الكلمات والتجارب.
وفي السيناريوهات الصحية تحتفي تلك الروابط بصورة طبيعية أو تتحول لذكريات جميلة, وفي بعض الأوقات تصبح بعض عناصر الاتصال لاصقة ويظهر هذا التعلق في شكل أفكار متكررة أو أحلام أو ندم أو شوق لشئ مفقود.
ولترى تلك الروابط فيمكنها أن تتمثل في أنها أقوال في الذهن تشتت انتباهك عن اهتماماتك الحالية, وذلك التشتت يدفعك للبحث عن صديقك السابق من خلال وسائل التواصل الإجتماعي بشكل متررد أو لا يدفعك لتكوين صداقات جديدة بسبب إنشغالك بالتفيكر في الصديق القديم, ولذلك لا تفكير في تلك الروابط على أنها شيء غامض بل حولها لعادات نفسية عاطفية روتينية يمكن أن تصبح عقبات أمام نموها.
علامات وتأثيرات التعلقات العاطفية غير الصحية
هناك تعلق عاطفي بشكل طبيعي وصحي, ولكن أدركت أنك تعاني من التعلق العاطفي غير الصحي من خلال بعض العلامات الظاهرة والخافية, لذلك عليك أن تدركها, ولذلك سنعرض لك تلك العلامات في التالي :
1- الإعادة الذهنية المستمرة :
إذا وجدت نفسك تفكر وتعيد تكرار اللحظات والتفاعلات الذهنية السابقة ولا تمتلك القدرة على التخلص من التجارب الماضية, وقد تصل لمرحلة التفكير في ما كان يجب عليك قوله في بعض المواقف بشكل مختلف عما قولته, جميع تلك الممارسات الذهنية تستنزف مواد الإدارك وتشتتك عن التركيز في الحاضر وتضيع وقتك وتمنعك من أداء مهامك بكل تركيز وكذلك تحقيق أهدافك الحالية.
2- صعوبة المضي قدمًا :
إذا كنت تستعد للتعرف على أشخاص جدد ومقابلهم أو إذا كنت ستبدأ في مشروع جديدة أو تلتزم بممارسة عادات صحية جديدة ولكن تجد شي ما يعرقلك عن أداء كل ما سبق سواء إذا تمثل في التفكير الذكريات أو الارتباطات العاطفية القديمة الذي تدفعك للترد في أتخاذ خطوة جديدة, تلك الروابط العاطفية تعرقل معدل إنتاجيتك وتبعدك عن استثمار طاقتك في تجارب حياتة جديدة تضيف لك قيمة في الحياة.
3- تقلبات عاطفية:
من علامات أنك تعاني من تعلق عاطفي غير صحي هو تقبل المشاعر من الحزن العميق أو الغضب أو الندم وكذلك الحنين, وتأتي تلك التقلبات عند رؤيتك لمحفزات سواء كانت صورة أو أغنية أو مكان مألوف, وتعمل تلقبات المشاعر على استنزاف طاقتك وينتج عنه الشعور بالإرهاق وعدم القدرة على التحمل, عندما توجه تركيزك على الروابط القديمة فهذا يقلل من تركيزك على طموحاتك المستقبلية.
4- الإرتباط المفرط مع الماضي :
يتكون التعلق العاطفي غير الصحي لأنه جزء من شخصيتك ارتبط بشخص أخر أو بموقف في الماضي, ومن المتوقع أنك كنت ترى نفسك من خلا أعينهم, وأن التعلق غير الصحي يصعب عليك التخلي من العلاقات السابقة لأنه يبعث لك الشعور بأنك فقدت جزء من هويتك وبالتالي يصعب عليك ترك الماضي والتركيز على المستقبل الذي يتوافق مع قيمك وأولوياتك واهتماماتك.
5- انعدام الثقة أو الخوف من العلاقات الجديدة :
الراوبط القديمة تقدم لك مقارنة بين شخص جديد تتعرف عليه مع شخص متعلق به في الماضي, وبالتالي فتلك الروابط غير الصحية تصعب عليك الشعور بالثقة تجاه الأشخاص الجدد أو تضع لك معايير مستحيلة أو غير منطقية نتيجة لجراح الماضي, وعلى هذا فتصعب عليك الروابط غير الصحية تكوين دائرة من المعارف في علاقاتك المهنية وعلاقاتك الاجتماعية ويعرقل فرص النمو والتعاون.
6- الضغط النفسي والجسدي :
لا تظهر علامات الارتباطات غير الصحية في أفكارك الذهنية المشتتة فقط, بل يمكن رؤيتها وهي مثل المعاناة من التوتر المستمر أو اضطرابات في النوم أو الصعوبة في التركيز أو قلة معدل الشهية وقلة تناول الطعام, جميع تلك السلبيات تؤثر عليك بالسلب وتقلل أدائك أثناء تحقيق أهدافك الشخصية أو المهنية.
7- تأثير على الوقت والإنتاجية :
أثناء تركيزك جهدك على التفكير في الماضي و التعلقات غير الصحية فهذا يستنزف جزء كبير من وقتك وبالتالي تخسر وقتك كان بإمكانك أن تتعلم مهارات جديدة أو تحسن لياقتك البدنية أو العمل على مشروعي جديد, وبالنظر للمبادئ الحياة الأساسية هو الحرص على استخدام وقتك بشكل واعي لتحقيق أهدافك, وأن تفكيرك الزائد عن تلك الروابط يضيع من وقتك ويستنزف عقلك.
8- انخفاض الثقة بالنفس :
في حال إذا أنتهت العلاقة الماضية بشكل سيئ أو أتسقت بالندم ومازالت تفكر فيها فهذا يسبب قلة تقديرك لذاتك وبالتالي تشك في قدرتك على تكوين روابط صحية مرة أخرى, قلة الثقة تؤثر على استعدادك لتحمل المخاطر المحسوبة أو السعي وراء فرص ذات معني.
لماذا تتشكل هذه الروابط وتستمر؟
لكي تنطلق وتعيش حياة سعيدة بدون تلك الروابط عليك في البداية معرفة أسباب تكوينها واستمرارها بدلاً من النظر على أنها قوى غامضة, ويمكن تفسيرها من خلال علم النفس وتشكيل العادات والتكيف العاطفي, ولذلك سنعرض لكم لماذا تتشكل تلك الروابط في التالي :
1- التكيف العاطفي والتعزيز :
إذا كنت تفكر في علاقة سابقة وشعرت بعاطفة قوية سواء إذا كان ذلك الشعور هو الشوق أو الندم ففي تلك الحالة فأن تعزز من نمو هذا النمط العاطفي, مثال على ذلك عندما تبدأ عادات جديدة وتكأفاة نفسك على هذا السلوك, وتتمثل المكأفاة في أنها الألفة أو الراحة عن نمط عاطفي مألوف سواء كانت بشكل مؤلم أو عكسه. وستلاحظ مع مرور الوقت تعمل تلك العادات الدورية على تسهيل العودة إلى الحالات العاطفية القديمة.
2- المشاعر غير المحلول وغياب الإغلاق:
تستمر الروابط العاطفية القوية لأن العلاقة الماضية انتهت بشكل مفاجيء أو أنتهت بنهاية لم ترضي كلا الطرفين, وبالتالي ينتج لدي أحدي الأطراف الشعور بعدم اليقين وبذلك يحاول العقل إيجاد حل لذلك الغموض بواسطة استرجاع الماضي, وأن تذكرك لتلك العلاقة الماضية ومحاولة إيجاد ردود لها يبقك مرتبط عاطفياً.
3- أنماط التعلق والتجارب السابقة :
يتشكل شكل التعلق الخاص بك تجاه الأخرين بناء على تجارب الطفولة المبكرة التي تؤثر على قوة تمسك بالأخرين, إذا كنت تعاني من أسلوب التعلق القلق فستعاني من صعوبة التخلي عن الأشخاص بسبب الخوف من الفقد أو الهجر وذلك يؤثر على مرحلة البلوغ وتلك الأنماط السابقة تظهر كروابط عاطفة تجاه أشخاص لم يعودوا جزء من حياتك.
4- تجميل الماضي:
عندك تذكرك للماضي فقد تبالغ بذكريات إيجابية وذلك الماضي ليس موضوعي وواضح, وقد توهم نفسك أن العلاقات السابقة هي إيجابية ومليئة بالأوقات الجميلة ولا يشوبها أي جوانب سلبية, ذلك التجميل للماضي يجعلها تترسخ مما يصعب عليك قبول أن ذلك الرابط لم يعد يخدم نموك.
5- عوامل الأنا والهوية :
إذا تشابك غرورك مع تصور شخص أخر عنك, فإذا فقد هذا الشخص فأن يبعث لك أنك فقدت جزء من هويتك, ذلك الأمر ينتج عندما تعطي للآخرين الأحقية في إحساسك بشعوك بالقيمة أو النجاح, ويعد فصل إحساسك بقيمتك الذاتية عن الروابط العلاقة أمر ضروي ولكن يمثل تحدي.
6- احتياجات عاطفية غير ملباة :
بعض الحالات يستمر التعلق القديم لأنه يبعث الشعور أنه يلبي حاجة عاطفية سواء إذا تمثلت في الفهم أو التقدير, وتلك التلبية لم تجدها مع شخص أخر بسبب تمسكك بالماضي, وحتى تجد طريقة أكثر صحية لتلبية تلك الحاجة قد تستمر في التمسك بذكري شخص كان يلبيها.
تكلفة التمسك بالراوبط: الطاقة, الأهداف, النمو
عندما تتمسك بالروابط العاطفية غير الصحية فأنك تخسر الوقت والطاقة التي يمكن استغلالها لتحقيق طموحاتك, ولكن عندما تعيش حياتك بشكل بعيد عن تلك الروابط وتعمل على تحديد الأهداف وإدارة مواردك بحكمة تظهر لك تلك الروابط وتمثل عائق وتعمل على تشتيت تركيزك عن الأنشطة ومهام الحياة.
وعلى هذا فتضيع عليك تلك الروابط التركيز على إنشاء مشاريع جديدة أو تكوين علاقات تقدم لك النمو, وكذلك تحقق النمو الشخصي وتجد نفسك في دوامة من التشتيت والتفكير دون تحقيق أي تقدم.
بينما إذا وجهت كل تركيزك على الماضي فأنت تضيع على نفسك فرص وتستنزق طاقة كان بإمكانها أن تساعدك في توسيع شبكاتك المهنية أو تحسين علاقاتك الحالية, ومع مرور الوقت يتحول ذلك السكوت دون التقدم إلى الإحساس بالركود الذاتي.
وللحصول على حرية شخصية مثل الآخرين عليك كسر تلك الروابط والذي لا يتمثل في محو الماضي بل إعادة توجيه تركيزك والتحرر من الأنماط العاطفية لتخلق مساحة لعلاقة صحية.
وإزالة الروابط القديمة هي خطوة إستراتيجية لتحسين رفاهيتك ونجاحك, وعندما تتخلص من قيود الماضي, عليك إعادة توجيه طاقتك تجاه أهدافك وطموحاتك ونموك الشخصي.
كيفية التحرر: استراتيجيات عملية لاستعادة حياتك
بعد أن عرضنا لكم طبيعة الروابط العاطفية بشكل واقعي, سنعرض لكم طرق التحرر من تلك الروابط, ولكن تذكر أن عملية التحرر تستغرق وقت طويل وليس العكس وكل خطوة تخطوها تساعدك في تحقيق التوازن مع الشخص الذي تسعى لتصبحه.
1- الاعتراف بالمشكلة وتسميتها :
أثناء النظر لأى تحد تريد التغلب عليه تتمثل الخطوة الأولى في التعرف عليه, لذلك فسنعرف أن ذلك الارتباط العاطفي هو مستمر ويعوق عملية نموك الشخصي والمهني, عند تحديدك لذلك الرابط فهو يساعد على تقليل غموضه العاطفي بدل من رؤيته على أنه قوة غامرة, وبذلك تستطيع فهمه كنمط من الأفكار والمشاعر يمكن تغييرها بالجهد.
ويمكنك الاعتراف بتلك المشكلة من خلال ممارسة كتابة تلك العلاقات وتدوين مشاعرك وتسأل وتجيب لماذا تستمر تلك المشاعر وهل لها تأثير عليك, الهدف من تلك الكتابة هو رؤية الأفكار بكلمات وصورة أوضح ويسهل عليك مواجهة المشكلة بشكل مباشر بدلا من تركها.
2- ممارسة اليقظة الذهنية لاستعادة التركيز على الحاضر:
تعد ممارسة اليقظة الذهنية دور فعال أثناء ملاحظة أنك تتعمق في التفكير عن العلاقة الماضية, ففي تلك الحالة عندما عملية التفكير العميق توقف للحظات عن التفكير ولاحظ ما حدوث دون أن توجه أي لوم, وحدث نفسك داخليا وقول “أتذكر الآن (اسم الشخص أو الموقف) وهذا يجعلني أشعر بعاطفة ال …”.
أن عملية ملاحظة تلك الأفكار وفصلك نفسك عنها بدلا استرجاع ذكريات الماضي وتراقبها فقط دون الإفصاح عن المشاعر, تلك العملية تساعدك على التحكم في الصراع الداخلي وبالتالي تقلل من حدة الروابط القديمة ويسمح المجال الذهني لممارسات قيمة أخرى.
3- تحدي الروايات الذهنية :
عليك مراجعة القصص التي تحكيها لنفسك عن العلاقة الماضية, وحدد إذا كنت تميل لتمجيدها, وهل تتخيل أنها كانت مثالية أو لا غني عنها لسعادتك, وكذلك أسال نفسك هل تبالغ في تأثير نهايتها وتعتقد أنك لن تجد شئ أفضل.
يمكنك استخدام تقنيات إعادة البناء المعرفة وتتمثل في :
- تحديد الافتراضات : مثال عندما تقول لن أجد شخص يفهمني كما يفعل الأخرين.
- التشكيك في تلك الأفكار : اسأل نفسك :”هل صحيح أنني لن أجد شخصًا آخر يفهمني؟ ألم أقم بعلاقات قوية مع أشخاص جدد في الماضي؟”
- استبدالها بمنظور أكثر توازن : قل لنفسك: أني أقدر الشعور بأن يتك فهمي من قبل الآخرين, لكن يمكنني العثور على ذلك الفهم بواسطة الأصدقاء أو المرشدين أو شركاء المستقبل يتماشون مع حياتي الحالية.
إن إتباع تلك التقنية يساعد في تقليل تأثير الماضي تجاهك, ويساعدك ذلك التحول على اختيار معتقدات تحسن النمو بدلا من البقاء عالقاً.
4- وضع حدود واضحة مع الماضي :
أن أسلوب وضح حدود واضحة مع الماضي هو الأفضل في تلك الاستراتيجيات, إذا كان لديك الحساب الخاص بذلك الشخص على مواقع التواصل الإجتماعي ففكر في إلغاء متابعة أو كتم إشعارات حسابه, وكذلك أزل الأشياء التي تذكر بذلك الشخص أو ذكريات الماضية الخاصة به, وإذا تستطيع تقليل التجمعات الشخصية مع ذلك الشخص أفعل ذلك بلطف ولكن بحزم.
الهدف الأساسي من وضع تلك الحدود هو مساحة ذهنية ويسهل تكوين عادات جديدة والتركيز على الأولويات التي تهمك.
5- تطوير علاقات واهتمامات جديدة :
أن السبب القوي الذي يبقي الروابط القديمة قوية, هي أنها تلبي احتياجات معينة, لذلك حدد هذه الاحتياجات وأسال هل عرت بالتقدير أو الفهم أو الدعم.
إذا عرفت ما الذي يشعبك في تلك العلاقة القديمة ابحث عن بديل صحي وحديث لتبلبية تلك الاحتياجات, وبدل من تذكر الماضي ممارس أو جرب عادات جديدة سواء في حضور فعاليات مجتمعية أو الانضمام إلى الأندية أو سجل في دورات تميل لإهتمامك, ابحث عن أصدقاء داعمين يشجعونك على النمو.
أن بناء روابط جديدة تتوافق مع قيمك الحالية لا يجعلك تبدي أي أهتمام تجاه الروابط القديمة ولا تستبدلها, وذلك التحول في الهوية والعلاقات الاجتماعية يدعم الشخص الذي تسعى للوصول له بدلا من البقاء متمسك بالماضي.
6- التركيز على أهدافك وقيمك طويلة المدى :
عندك إدراكك أن الوقت الذي تقضيه في تذكر الروابط القديمة وأنه يمكنك إستبداله بالتركيز على أهدافك وقيمك طويلة المدى, لذلك أحرص على تخصيص وقت لمعرفة ما يهمك الأن سواء إذا النمو المهني أو الحصول على نمط حياة صحي أو تسعى لبدء مشروع إبداعي أو تكوين صداقات أقوي أو الاستقرار المالي.
عندما تتذكر الروابط القديمة الثابتة استبدلها بممارسة كتابة أهدافك والخطوات اللازمة لتحقيقها, واعتبرها عادة رسمية للتواصل مع رؤيتك المستقبلية واحرص على تذكير بأن كتابة لتلك الأهداف أمر ضروري للوصول للحياة التي تريدها.
وكلما تحرص على استثمار طاقتك في تحقيق أهدافك التي تتماشي مع قيمك كلما سيساعدم على تكوين إطار داخلي قوي ويترك مساحة أقل للتفكير غير المنتج, وبالتالي سيتعلم عقلك ربط المكآفات العاطفية التي تتمثل في الشعور بالرضا والإنجاز بالأنشطة الموجهة نحو المستقبل بدل من الأحداث السابقة.
7- طلب المساعدة المهنية إذا لزم الأمر :
بعض الحالات يجد بعض الأشخاص الصعوبة في التحرر من الروابط العاطفية السابقة, ففي تلك الحالة يمكنك اللجوء وطلب الإستشارة من المعالجين أو المدربين المتخصصين في طرق علاج السلوك المعرفي أو طرق علاج بالقبول والالتزام أو غيرها من الأساليب التي تساعدك في معالجة تلك المشاعر.
كما يقدم هولاء المعالجين استراتيجيات بناء على حالتك والكشف عن أنماط أعماق تؤهلك في التحرر منها بشكل أكثر كفاءة.
لذلك لا تخجل من طلب المساعدة من هولاء المتخصصين لتعيش حياة بشكل واعي وتعترف بقيمة وقتك وطاقتك وصحتك العاطفية.
8- احتضان العناية الذاتية والرفاهية العاطفية :
أن ممارسة الرعاية الجسدية من الوسائل الداعمة للتكيف العاطفي, ومن أبرز تلك الممارسات الخاصة بالعناية الذاتية هي الحصول على قسط كافي من النوم وممارسة التمارين الرياضية وإدراجها في الروتين اليومي وتناول التغذية, جميع تلك الممارسات تؤثر على تنظيم المشاعر والحفاظ على الوضوح العقلي.
إذا تعرضت لأرهاق جسدي فهذا يفسح المجال لتعمق الروابط القديمة مما يؤدي لصعوبة إدارة معدل التوتر.
وهناك ممارسات تساعد على البقاء مركزاً بعيداً عن التشتت بالماضي مثل اتباع تقنيات تخفيف التوتر التي تتمثل في استرخاء العضلات أو ممارسات اليوغا أو المشيء في الطبيعة, تلك الممارسات تساعدك على الاستعداد بشكل أفضل لوضع حدود الماضي والتركيز على النمو الشخصي.
9- تتبع تقدمك واحتفل بإنجازاتك :
كما ذكرنا في السابق أن التخلص من الراوبط القديمة أمر لا يتم في لحظتها لذلك أثناء إتباع استراتيجيات إستعادة حياتك ستلاحظ أيام مليئة بالتفاءل وأيام أخرى تتذكر ذكريات الماضي.
لذلك أكتب في دفتر يومياتك تقدمك بشكل مستمر ولاحظ إذا نجحت في توجيه أفكارك أو وضع حدود لها أو تقض وقتك بشكل منتج على الرغم من تشتتات الذهنية لأفكار الماضي.
وإذا لحظة تقدم ونمو في قدرتك على التغيير والنمو احتفل بذلك الانتصار, لأن إعترافك بالنمو يحسن أنماط جديدة في دماغك وبالتالي يسهل الاستمرار.
10- تبني عقلية النمو :
أن العنصر الأساسي للنمو العقلي هو إيمان بقدرتك على تحسين مرونتك العاطفية, مثال عندما تؤمن بنفسك أنك تستطيع تعلم مهارة جديدة.
لذلك أنظر للروابط القديمة على أنها فرص للنمو وكذلك تسلط الضوء على أشكال ارتباطك مع الأخرين وعلى هذا تساعدك على فهم ما الذي أنت بحاجه له في المستقبل.
بينما إذا رأيت أن عملية تحرير نفسك من تلك الروابط لكي تصبح شخص أفضل وليس السبب للخسارة فأنك تقوم بتمكين نفسك, لذلك تذكر نفسك أثناء اتباع تلك الخطوات أنك تخلق لنفسك مساحة لشيء أفضل بدل من التشتت, وتطوير عقلية النمو تشجعك على التحلي بالصبر واللطف مع نفسك أثناء تلك العملية.
خطوات بناء مستقبل خالٍ من قيود الماضي
تأتي الخطوة الثانية بعد التحرر من الروابط العاطفية الغير الصحية السابقة هي إيجاد ممارسات بديلة تملأ الفراغ العاطفي والذهني, سواء إذا تمثلت تلك الممارسات في بدء مشاريع ذات مغزي والالتزام بتلك الممارسات يجعل حياتك قيمة ومنتجة توافق أهدافك, وتتمثل خطوات البناء في :
1- إعادة إستثمار طاقتك بحكمة:
استغل عودة طاقتك الذهنية في تعزيز حياتك بواسطة ممارسات متعددة سواء بدء دورة تدريبية أو التتطوع أو كتابة كتاب, العنصر الأساسي هو استثمار طاقتك المكتسبة في ممارسة أنشطة تضيف قيمة حقيقة لحياتك.
2- تقوية العلاقات الصحية القائمة :
عند التخلص من الروابط القديمة يتيح لك مساحة عاطفية, لذلك استثمرها في التعرف على أشخاص يهموك, وحسن علاقاتك مع دائرة معارفك من أفراد العائلة أو الأصدقاء الذي يساعدونك على النمو, عندما تحيط ذاتك بأشخاص يشجعونك فهذا يوفر لك التركيز على المستقبل بدل من التركيز على روابط الماضي.
3- تحسين الحدود وإدارة الوقت :
بعدما أدركت أهمية وضع الحدود مع الماضي وعملت على تعززيها, فبالتالي أنك معدل انتباهك هو عنصر أساسي في عملية التطوير, لذلك احمي وقتك وطاقتك العاطفية, وابتعد عن العلاقات الجيدة التي تظهر نفس التأثير الخاص بعلاقات الماضي الغير الصحية, وابحث عن روابط ترفع من شأنك وتقدر قيمتك وتلهمك.
4- تطوير نظام النمو المستمر :
إلتزم بعادات تحسن من تطورك الشخصي المستمر, ومن أمثلة تلك العادات هي ممارسات جلسات لتنظيم أهدافك, وكذلك مراجعة تقدمك الأسبوع, ممارسة التأمل أو تدوين اليوميات, تلك العادات تظهر أنك تتقدم وتسعى للأمام, ويبعدك عن العودة مرة أخرى للتعلقات العاطفية السابقة.
5- تقييم ذاتك بانتظام
تسير الحياة بشكل ديناميكي وكذلك الأشخاص, وأثناء عملية تعزيز نموك العاطفي أحرص على إعادة تقييم حالتك العاطفية بشكل دوري, وأسال نفسك هل هناك روابط جديدة تتحول لمشكلة إذا لم يتم التعامل معها؟ أو هل ظهرت ذكريات قديمة بسبب ضغوط جديدة, تلك الأنواع من الأسئلة والتقييم يسمح لك بالحفاظ على حريتك العاطفية.
بناء حياة أكثر وعيًا
تذكر أن عملية تغير الراوبط العاطفية السابقة ليس لتحسين شعورك الحالي بل يكمن أساس تلك العملية توجيه الوقت والطاقة والاهتمام لما يهم ذاتك, وعندما تسعى لإزالة الراوبط الغير صحية فأن تسمح للتغير الإيجابي وعلى هذا تجد القدرة على تحقيق الأهدافك التي حددتها, وبذلك تصبح أكثر مرونة في التعامل مع تحديات الحياة وأكثر صدقًا في علاقاتك المستقبلة.
أن المغزي من إزالة الراوبط هو اكتساب حياة مليئة بالحرية وعقلية تتطلع للتقدم بدل من حياة مركزة على الروابط القديمة التي تبعث مصدر تشتت في ذهنك.
في نهاية المقال تذكر أن تمتلك القوة لاختيار طريقك, ولات تخف من تغير الروابط العاطفية القديمة حتى لو بذلت مجهود كبير في ذلك ولكنك ستطيع تكوين عالمك الداخلي.
وأعلم أن أثناء عملية التطوير ستواجه لاحظات من الانتكاسات أو الحنين للعلاقات القديمة, وفي خلال عملية النمو ستواجه تراجع ولكن عليك السعي لكسر تلك الروابط.
أخيرا, أن الأمر لا يقتصر فقط على التخلص من تلك الروابط, بل عليك بناء حياة تظهر قيمتك الحقيقة وتعزز من مواهبك وتسمح المجال لتكوين صداقات أفضل.